فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ} (44)

{ فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ( 44 ) قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ( 45 ) قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ( 46 ) فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ( 47 ) إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى ( 48 ) قال فمن ربكما يا موسى ( 49 ) قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ( 50 ) قال فما بال القرون الأولى ( 51 ) قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ( 52 ) } .

ثم أمرهما سبحانه بالإنة للقول لما في ذلك من التأثير في الإجابة فإن التخشين بادئ بدء يكون من أعظم أسباب النفور والتصلب في الكفر فقال : { فقولا له قولا لينا } أي دارياه وارفقا به ، ولا تعنفا في قولكما في رجوعه عن ذلك ؛ والقول اللين هو الذي لا خشونة فيه ؛ يقال لأن الشيء يلين لينا ، والمراد تركهما للتعنيف كقولهما : { هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى } فإنه دعوة في صورة عرض ومشاورة ، وقيل : القول اللين هو الكنية له أي : قولا له :يا أبا الوليد ، وقيل يا أبا العباس ، وقيل يا أبا مرة ، وقيل أن يعداه بنعيم الدنيا والآخرة إن أجاب ، وقيل أن يعداه بشباب لا يهرم بعده وملك لا يزول إلا بالموت . قاله البيضاوي .

ثم علل الأمر بالإنة القول له بقوله : { لعله يتذكر أو يخشى } أي باشرا ذلك مباشرة من يرجو ويطمع فالرجاء راجع إليهما كما قاله جماعة من النحويين سيبويه وغيره ، وقد تقدم تحقيقه في غير موضع .

قال الزجاج :لعل لفظة طمع وترج فخاطبهم بما يعقلون ، وقيل لعل هنا بمعنى الاستفهام ، والمعنى فانظر هل يتذكر أو يخشى ، وقيل بمعنى كي ، والتذكر النظر فينا بلغاه من الذكر وإمعان الفكر فيه حتى يكون ذلك سببا في الإجابة والخشية هي خشية عقاب الله الموعود به على لسانهما ، وكلمة أو لمنع الخلو دون الجمع ، وفائدة إرسالهما والمبالغة عليهما في الاجتهاد مع علم الله بأنه لا يؤمن إلزام الحجة وقطع المعذرة وإظهار ما حدث في أضاعيف ذلك من الآيات .