الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ} (44)

وقرأ أبو معاذٍ " قولاً لَيْناً " وهو تخفيف مِنْ لَيِّن كمَيْت في مَيِّت .

وقوله : { لَّعَلَّهُ } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنَّ " لعلَّ " على بابها من التَّرَجِّي : وذلك بالنسبة إلى المُرْسَل ، وهو موسى وهارون أي : اذهبا على رجائِكما وطَمَعِكما في إيمانه ، اذهبا مُتَرَجِّيَيْنِ طامِعَيْن ، وهذا معنى قولِ الزمخشري ، ولا يَسْتقيمُ أن يَرِدَ ذلك في حق الله تعالى إذ هو عالمٌ بعواقب الأمور ، وعن سيبويه : " كلُّ ما وَرَدَ في القرآن مِنْ لعلَّ وعسى فهو من الله واجبٌ " ، يعني أنه مستحيلٌ بقاءُ معناه في حق الله تعالى . والثاني : أنَّ لعلَّ بمعنى كي فتفيد العلةَ . وهذا قول الفراء ، قال : " كما تقول : اعمل لعلك تأخذُ أَجْرَك أي : كي تأخذ " . والثالث : أنها استفهاميةٌ أي : هل يتذكَّر أو يَخْشَى ؟ وهذا قولٌ ساقط ؛ وذلك أنه يَسْتحيل الاستفهامُ في حق الله تعالى كما يستحيل الترجِّي . فإذا كان لا بُدَّ من التأويل فَجَعْلُ اللفظِ على مدلولِه باقياً أَوْلَى مِنْ إخراجِه عنه .