فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ} (44)

ثم أمرهما سبحانه بإلانة القول له لما في ذلك من التأثير في الإجابة ، فإن التخشين بادئ [ ذي ] بدء يكون من أعظم أسباب النفور والتصلب في الكفر ، والقول اللين : هو الذي لا خشونة فيه ، يقال : لان الشيء يلين ليناً ، والمراد : تركهما للتعنيف ، كقولهما : { هَل لَّكَ إلى أَن تزكى } [ النازعات : 18 ] . وقيل : القول اللين هو الكنية له ، وقيل : أن يعداه بنعيم الدنيا إن أجاب ، ثم علل الأمر بإلانة القول له بقوله : { لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى } أي باشرا ذلك مباشرة من يرجو ويطمع ، فالرجاء راجع إليهما كما قاله جماعة من النحويين : سيبويه وغيره . وقد تقدّم تحقيقه في غير موضع قال الزجاج : «لَعَلَّ » لفظة طمع وترج ، فخاطبهم بما يعقلون . وقيل : لعلّ ها هنا بمعنى الاستفهام . والمعنى : فانظرا هل يتذكر أو يخشى ؟ وقيل : بمعنى كي . والتذكر : النظر فيما بلغاه من الذكر وإمعان الفكر فيه حتى يكون ذلك سبباً في الإجابة ، والخشية هي خشية عقاب الله الموعود به على لسانهما ، وكلمة «أو » لمنع الخلوّ دون الجمع .

/خ44