لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ} (44)

{ فقولا له قولاً ليناً } أي دارياه وارفقا به . قال ابن عباس : لا تعنفا في قولكما ، وقيل كنياه فقولا له يا أبا العباس وقيل يا أبا الوليد وقيل أراد بالقول اللين قوله { هل لك إلى أن تزكى } وقيل الآية إنما أمرهما باللطافة لماله من حق تربية موسى ، وقيل عداه على قبول الإيمان شباباً لا يهرم وملكاً لا ينزع منه إلا بالموت وتبقى عليه لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته ، وإذا مات دخل الجنة فلما أتاه موسى ووعده بذلك أعجبه وكان لا يقطع أمراً دون هامان وكان غائباً فلما قدم أخبره بالذي دعاه إليه موسى وقال أردت أن أقبل منه فقال له هامان كنت أرى أن لك عقلاً ورأياً ، أنت رب تريد أن تكون مربوباً ، وأنت تعبد تريد أن تعبد ، فقال فرعون صواب ما قلت فغلبه على رأيه .

وكان هارون بمصر فأمر الله موسى أن يأتي هارون وأوحى الله إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى فتلقاه إلى مرحلة وأخبره بما أوحي إليه . وقوله تعالى { لعله يتذكر أو يخشى } أي يتعظ ويخاف ويسلم فإن قلت كيف قال لعله يتذكر وقد سبق في علمه أنه لا يتذكر ولا يسلم . قلت معناه اذهبا على رجاء منكما وطمع وقضاء الله وراء أمركما ، وقيل هو إلزام الحجة وقطع المعذرة كقوله تعالى { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك } وقيل هو ينصرف إلى غير فرعون مجازه لعله يتذكر متذكراً ويخشى خاش إذا رأى بري وإلطافي بمن خلقته وأنعمت عليه ثم ادعى الربوبية ، وقيل لعل من الله واجب ولقد تذكر فرعون وخشي حين لم تنفعه الذكرى والخشية وذلك حين ألجمه الغرق وقرأ رجل عند يحيى بن معاذ الرازي { فقولا له قولاً ليناً } الآية فبكى يحيى وقال إلهي هذا رفقك بمن يقول أنا الإله فيكف رفقك بمن يقول أنت الإله .