الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ} (44)

{ فقولا له قولا لينا } . أي : كنياه . قاله مجاهد والسدي{[45110]} .

وعن السدي أنه قال : قال له موسى عليه السلام : هل لك أن يرد الله عليك شبابك ، ويرد عليك مناكحك ومشاربك ، وإذا مت دخلت الجنة ؟ وتؤمن . فهذا هو القول اللين . فركن فرعون إليه وقال : مكانك حتى يأتي هامان .

وقيل : إن فرعون دخل إلى آسية فشاورها{[45111]} فيما قال له موسى . فقالت : ما ينبغي لأحد أن يرد هذا . فقال له هامان : أتَعْبُدُ بعدما{[45112]} كنتَ تُعْبَدْ ، أنا أردك شابا . فخضب لحيته بالسواد . فكان فرعون أول من خضب بالسواد{[45113]} . ودخل إلى آسية فقالت له : حسن إن لم ينصل .

وقيل : إن موسى عليه السلام قال له : إن ربنا أرسلنا إليك لتؤمن به وتعبده وتطيعه ، فينسئ في أجلك أربع مائة سنة ، ويملكك في أرضه ولا تبؤس ساعة من نهار ، ثم{[45114]} تصير إلى الجنة ، لا يضرك ما كنت فيه من نعيم الدنيا وسرورها ونضارتها جناح بعوضة . فقال فرعون : دعوني{[45115]} أستشير فاستشار هامان{[45116]} . فقال له : لا ترض . أبعد أن كنت مالك تصير مملوكا . وبعد أن كنت ربا تصير مربوبا . فلم يؤمن لما سبق له{[45117]} في علم الله{[45118]} من الشقاء .

وقوله : { لعله يتذكر أو يخشى } قيل : معنى ( لعل ) هنا الاستفهام . والمعنى : فقولا له قولا لينا ، فانظر ! هل يتذكر فيراجع ، أو يخشى الله فيرتدع عن طغيانه . قاله : ابن عباس{[45119]} .

وقيل{[45120]} : معنى ( لعل ) هنا : كي . أي : قولا له قولا لينا كي يتذكر . كما تقول : اعمل لعلك تأخذ أجرك . أي : كي تأخذ أجرك .

وقال الحسن : ( لعله يتذكر ) هو إخبار من الله عن قول هارون ، وذلك أنه{[45121]} تعالى لما قال له{[45122]} : قولا له قولا لينا . قال هارون لموسى{[45123]} : لعله يتذكر أو يخشى .

وقيل : إن ( لعل ) على بابها ، ترج وطمع من المرسلين{[45124]} . والتقدير عند سيبويه : اذهبا على رجائكما/ وطمعكما ومبلغكما من العلم أن يتذكر ، وقد علم الله تعالى أنه لا يتذكر ولا يخشى إلا أن الحجة لا تجب إلا بالإبانة{[45125]} وخروج الفعل إلى الظاهر .

وقيل{[45126]} : إن ( لعل ) و( عسى ) في القرآن لم يقعا إلا وقد كانا . فتذكر فرعون وخشيته قد كانت حين أدركه الغرق{[45127]} .


[45110]:انظر: جامع البيان 16/169 والقرطبي 11/200.
[45111]:فشاورهما سقطت من ز.
[45112]:ز: أن.
[45113]:ز: به.
[45114]:ز: حتى.
[45115]:ز: دعني.
[45116]:ز: هارون. (تحريف).
[45117]:له سقطت من ز.
[45118]:الله سقطت من ز.
[45119]:انظر: الدر المنثور 4/301.
[45120]:انظر: تفسير القرطبي 11/201.
[45121]:ز: أن الله.
[45122]:ز: لهما.
[45123]:ز: قال موسى لهارون.
[45124]:ز: المرسل.
[45125]:ز: بالآيات.
[45126]:انظر: تفسير القرطبي 11/201.
[45127]:الغرق سقطت من ز.