مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (25)

{ وَقَالَ } إبراهيم لقومه { إِنَّمَا اتخذتم مّن دُونِ الله أوثانا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الحياة الدنيا } حمزة وحفص ، { مودةً بينكم } مدني وشامي وحماد ويحيي وخلف { مودة بينكم } مكي وبصري وعلي ، { مودةٌ بينكم } الشمني والبرجمي ، النصب على وجهين على التعليل أي لتتوادوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها واتفاقكم عليها كما يتفق الناس على مذهب فيكون ذلك سبب تحابهم وأن يكون مفعولاً ثانياً كقوله { اتخذ إلهه هَوَاهُ } [ الجاثية : 23 ] و «ما » كافة أي اتخذتم الأوثان سبب المودة بينكم على تقدير حذف المضاف ، أو اتخذتموها مودة بينكم أي مودة بينكم كقوله : { وَمِنَ الناس مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبّ الله } [ البقرة : 165 ] وفي الرفع وجهان : أن يكون خبراً ل { إن } و «ما » موصولة ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي مودة { بينكم } ، والمعنى أن الأوثان مودة بينكم أي مودودة أو سبب مودة . ومن أضاف المودة جعل بينكم اسماً لا ظرفاً كقوله { شهادة بَيْنِكُمْ } [ المائدة : 106 ] ومن نوّن { مودة } ونصب { بينكم } فعلى الظرف { ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } تتبرأ الأصنام من عابديها { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } أي يوم القيامة يقوم بينكم التلاعن فيلعن الأتباع القادة . { وَمَأْوَاكُمُ النار } أي مأوى العابد والمعبود والتابع والمتبوع { وَمَا لَكُمْ مّن ناصرين } ثمة .