الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (25)

{ وَقَالَ } يعني إبراهيم ( عليه السلام )لقومه : { إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } اختلف القرّاء فيها ، فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب { مَّوَدَّةَ } رفعاً { بَيْنِكُمْ } خفضاً بالإضافة ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم على معنى : أنّ الذين اتخذتم من دون الله أوثاناً هي { مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } . { فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } لم تنقطع ولا تنفع في الآخرة كقوله :

{ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ } [ الأحقاف : 35 ] ثم قال :

{ بَلاَغٌ } [ الأحقاف : 35 ] أي هذا بلاغ ، وقوله سبحانه :

{ لاَ يُفْلِحُونَ } [ يونس : 69 ] ثم قال :

{ مَتَاعٌ } [ يونس : 70 ] أي هو متاع ، فكذلك أضمروا هاهنا هي ويجوز أن تكون خبر إن .

وقرأ عاصم في بعض الروايات { مَّوَدَّةَ } مرفوعة منونة { بَيْنِكُمْ } نصباً وهو راجع إلى معنى القراءة الأولى ، وقرأ حمزة { مَّوَدَّةَ } بالنصب { بَيْنِكُمْ } بالخفض على الإضافة بوقوع الإتحاد عليها وجعل إنّما حرفاً واحداً وهي رواية حفص عن عاصم ، وقرأ الآخرون : { مَّوَدَّةَ } نصباً منونة { بَيْنِكُمْ } بالنصب وهي راجعة إلى قراءة حمزة ومعنى الآية أنكم اتخذتم هذه الأوثان مودة بينكم في الحياة الدنيا .

{ مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } تتوادون وتتحابون على عبادتها وتتواصلون عليها .

{ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } وتتبرأ الأوثان من عابديها { وَمَأْوَاكُمُ } جميعاً العابدون والمعبودون { النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }