غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (25)

1

ثم حكى أنه بعد أن خرج من النار عاد إلى النصيحة والدعاء لقومه إلى التوحيد والإخلاص وذلك قوله { وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة } قال جار الله : من قرأ بالنصب بغير إضافة أو بإضافة فعلى وجهين : أحدهما التعليل أي لتتوددوا بينكم وتتواصلوا لاتفاقكم وائتلافكم على عبادتها كما يتفق الناس على مذهب فيكون بينهم نسبة من ذلك . الوجه الثاني : أن يكون مفعولاً ثانياً على حذف المضاف ، أو على أن المصدر بمعنى المفعول أي اتخذتم الأوثان سبب المودة بينكم واتخذتموها مودودة بينكم . ومن قرأ بالرفع بإضافة أو بغير إضافة فعلى وجهين أيضاً : أن يكون خبراً لأن على أن ما موصولة والتقدير : إن التي اتخذتموها أوثاناً هي سبب مودة بينكم أو مودودة بينكم . وأن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي مودودة أو سبب مودة وعلى هذا فالوقف على { أوثاناً } حسن كما مر . { ثم يوم القيامة } يقوم بين العبدة وكذا بينهم وبين أوثانهم التباغض والتلاعن نظيره { كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً } [ مريم : 82 ] والتحقيق فيه أنهم غلبت عليهم الجسمية ولذاتها فلهذا ألفوا الأصنام ولم تقبل عقولهم موجوداً منزهاً عن الأجسام وخواصها ، فلا جرم إذا رفعت الحجب وكشف الغطاء عن عالم الأرواح زالت نسبة الجسمية وظهرت آلالام الروحانية وعذبوا بنار الخسران والحرمان من غير شفعاء ولا أعوان ، فلذلك قال { ومأواكم النار وما لكم من ناصرين } وإنما لم يقل ههنا وما لكم من دون الله } [ البقرة : 107 ] لأن الله لا ينصر الكفار من أهل النار . وإنما جمع ههنا لأنه أراد في الأول جنس النصير وههنا أراد نفي الناصرين الذين كان أهل الشرك يزعمون أنهم شفعاؤهم عند الله .

/خ1