بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (25)

فقال لهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام : { وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم مّن دُونِ الله أوثانا } يعني : إنما عبدتم من دون الله أوثاناً يعني : أصناماً { مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } على عبادة أصنامكم . قرأ نافع وابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر ، { مَّوَدَّةَ } بنصب الهاء مع التنوين { بَيْنِكُمْ } بنصب النون . يعني : اتخذتم أوثاناً آلهة مودة بينكم على عبادتها صار نصباً لوقوع الفعل عليه . وقرأ حمزة وعاصم في رواية حفص مودة بنصب الهاء بغير التنوين بينكم بكسر النون على معنى الإضافة ، وقرأ الباقون مودة بالضم بينكم بالكسر .

وروي عن الفرّاء أنه قال : إنما صار المودة رفعاً بالصفة بقوله عز وجل : { وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم } وينقطع الكلام عند قوله : { إِنَّمَا اتخذتم مّن دُونِ الله أوثانا } ثم يبين ضرر مودتهم في الحياة الدنيا فقال تعالى : { ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } يعني : ليس مودتكم تلك الأصنام بشيء ، لأن مودة ما بينكم في الحياة الدنيا تنقطع ، ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ، يعني : الأصنام من العابد ، والشياطين ممن عبدها . ويقال يعني : الأتباع والقادة تتبرأ القادة من الأتباع { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } يعني : الأتباع يلعنون القادة ، والعابد يلعن المعبود { وَمَأْوَاكُمُ النار } يعني : مصيركم إلى النار { وَمَا لَكُمْ مّن ناصرين } يعني : مانعين من عذاب الله عز وجل .