مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا} (23)

{ مّنَ المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عاهدوا الله عَلَيْهِ } أي فيما عاهدوه عليه فحذف الجار كما في المثل «صدقني سن بكره » أي صدقني في سن بكره بطرح الجار وإيصال الفعل . نذر رجال من الصحابة أنهم إذا لقوا حرباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا وهم عثمان بن عفان وطلحة وسعد بن زيد وحمزة ومصعب وغيرهم { فَمِنْهُمْ مَّن قضى نَحْبَهُ } أي مات شهيداً كحمزة ومصعب . وقضاء النحب صار عبارة عن الموت لأن كل حي من المحدثات لا بد له أن يموت فكأنه نذر لازم في رقبته فإذا مات فقد قضى نحبه أي نذره { وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ } الموت أي على الشهادة كعثمان وطلحة { وَمَا بَدَّلُواْ } العهد { تَبْدِيلاً } ولا غيروه لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة ، وفيه تعريض لمن بدلوا من أهل النفاق ومرضى القلوب كما مر في قوله تعالى :

{ وَلَقَدْ كَانُواْ عاهدوا الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار }