التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا} (23)

قوله تعالى { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا } .

قال مسلم : وحدثني محمد بن حاتم ، حدثنا بهز حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال : قال أنس : عمّي الذي سميت به لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا . قال : فشق عليه . قال : أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيّبت عنه . وإن أراني الله مشهدا ، فيما بعد ، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليراني الله ما أصنع . قال : فهاب أن يقول غيرها . قال : فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد . قال : فاستقبل سعد بن معاذ . فقال له أنس : يا أبا عمرو ! أين ؟ فقال : واها لريح الجنة . أجده دون أحد . قال : فقاتلهم حتى قتل . قال : فوُجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية . قال فقاتلت أخته : عمتي الرُبيع بنت النضر : فما عرفت أخي إلا بنانه . ونزلت هذه الآية { رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا } قال : فكانوا يُرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه .

( صحيح مسلم 3/1512- ك الإمارة ، ب ثبوت الجنة للشهيد ) ، ( صحيح البخاري 8/377 ح4783- ك التفسير- سورة الأحزاب- الآية ) .

قال الترمذي : حدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير ، عن طلحة بن يحيى ، عن موسى وعيسى ابني طلحة ، عن أبيهما طلحة : أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابي جاهل : سله عمن قضى نحبه من هو ؟ وكانوا لا يجترؤون على مسئلته يوقرونه ويهابونه ، فسأله الأعرابي فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه ، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعليّ ثياب خضر ، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين السائل عمن قضى نحبه " ؟ قال : أنا يا رسول الله ، قال : " هذا ممن قضى نحبه " .

( السنن 5/350 ح3203- ك التفسير ، ب ومن سورة الأحزاب ) ، وأخرجه أبو يعلى في مسنده ( 2/26 ح663 ) ، والطبري في تفسيره ( 21/147 ) كلاهما بإسناد الترمذي ولفظه . قال الإمام الترمذي عقبه : حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن بكير . وقال الشيخ الألباني : إسناده حسن ، رجاله ثقات رجال مسلم ، غير أن طلحة ويحيى تكلم فيه بعضهم من أجل حفظه ، وهو مع ذلك لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ، ولم ينفرد بالحديث . . . وذكر له متابعات وشواهد ( السلسلة الصحيحة 1/ رقم 125 ) .

قال الحاكم : حدثني محمد بن صالح بن هانئ ، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد ، ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجي ، ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الأعلى ابن عبد الله بن أبي فروة ، عن قطن بن وهيب ، عن عبيد بن عمير ، عن أبي ذر رضي الله عنه قال : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مرّ على مصعب الأنصاري مقتولا على طريقة فقرأ { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } الآية .

( المستدرك 3/200- ك معرفة الصحابة . وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ( فمنهم من قضى نحبه ) قال : عهده فقتل أو عاش ( ومنهم من ينتظر ) يوم فيه جهاد ، فيقضى نحبه عهده ، فيقتل أو يصدق في لقائه .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { وما بدلوا تبديلا } يقول : ما شكوا وما ترددوا في دينهم ، ولا استبدلوا به غيره .