تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا} (23)

الآية 23 وقوله تعالى : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } قوله : { من المؤمنين } يخرج على وجهين :

أحدهما : { من المؤمنين } الذين هم عندكم مؤمنون { رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } ورجال [ لم يصدقوا ]( {[16557]} ) وهم المنافقون لأن ظاهر هذا الكلام يدل على أن من المؤمنين الذين هم في الظاهر عندهم مؤمنون لم يصدقوا فإما من كان في الحقيقة مؤمنا فقد صدق عهده .

والثاني : ذكر { من المؤمنين } خص بعض المؤمنين بصدق ما عاهدوا ، وهم الذين خرجوا لذلك ، لم يكن بهم عذر ، فوفوا ذلك العهد ، وتخلف بعض من المؤمنين للعذر ، فلم يتهيأ لهم وفاء ذلك العهد له( {[16558]} ) وصدقه .

وكذلك يخرّج قوله : { فمنهم من قضى نحبه } أي وفى بعهده { ومنهم من ينتظر } [ الوفاء أي يرتفع عنه ]( {[16559]} ) العذر ، فيفي ذلك ، والله أعلم .

ثم قوله : { فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر } وفاءه . قال بعضهم : { فمنهم من قضى نحبه } أي هلك عليه : { ومنهم من ينتظر } ذلك أي على شرف الهلاك .

[ وقوله تعالى ]( {[16560]} ) { وما بدّلوا تبديلا } هذا يقوي التأويل الذي ذكرنا : أخبر في قوله : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } أن الذين خلفهم العذر ، فلم يفوا عهده ، والذين ، لا عذر بهم ، فخرجوا ، فوفوا كلهم ، لم يبدلوا عهد الله تبديلا لأنه إنما خلّفهم العذر ، فلم يفوا .


[16557]:من م، في الأصل: يصدقون.
[16558]:في الأصل وم: لهم.
[16559]:في الأصل وم: بالوفاء أن يرتفع عند.
[16560]:ساقطة من الأصل وم.