محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا} (23)

{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } في الصبر والثبات ، والقيام بما كتب عليهم من القتال ، لإعلاء كلمة الحق ، ومن العمل بالصالحات ، ومجانبة السيئات { فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ } أي أدى ما التزمه ووفى به ، فقاتل مع الرسول عليه الصلاة والسلام ، حتى قتل شهيدا .

قال الشهاب : أصل معنى ( النحب ) النذر . وقضاؤه الوفاء به . وقد كان رجال من الصحابة رضي الله عنهم نذروا أنهم إذا شهدوا معه صلى الله عليه وسلم حربا ، قاتلوا حتى يستشهدوا . وقد استعير ( قضاء النحب ) للموت ، لأنه لكونه لا بد منه ، مشبه بالنذر الذي يجب الوفاء به . فيجوز أن يكون هنا حقيقة ، أو استعارة مع المشاكلة فيه . انتهى .

{ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ } أي ما وعد الله به من نصره والشهادة على ما مضى عليه أصحابه { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } أي ما غيروا شيئا من العهد ، ولا نقضوه كنقض المنافقين في توليتهم { ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار } {[6142]} ففيه كناية تعريضية تفهم من تخصيصهم به ، والتصريح بالمصدر لإفادة العموم .


[6142]:(33 / الأحزاب / 15).