ثم قال تعالى : { من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } أي : أوفوا بالصبر على البأساء والضراء إذ قد عاهدوا الله أن يصبروا إذا امتحنوا .
ثم قال : { فمنهم من قضى نحبه } أي : فرغ من العمل الذي قدره الله وأوجبه له على نفسه ، فاستشهد بعض يوم بدر وبعض يوم أحد وبعض في غير ذلك من المواطن .
{ ومنهم من ينتظر } قضاءه والفراغ منه على الوفاء لله بعهده .
وأصل النحب في كلام العرب النذر ، ثم يستعمل في الموت والخطر العظيم ، وقيل : النحب : العهد{[55405]} .
قال الحسن : { فمنهم من قضى نحبه } موته على الصدق{[55406]} .
وقال قتادة : على الصدق والوفاء{[55407]} .
قال ابن عباس : نحبه هو الموت على ما عاهد الله ، ومنهم من ينتظر الموت على ما عاهد الله عليه{[55408]} .
ويروى أن هذه الآية نزلت في قوم لم يشهدوا بدرا ، فعاهدوا الله إن لقوا قتالا للمشركين مع رسول الله أن يبلوا من أنفسهم ، فشهدوا ذلك مع رسول الله ، فمنهم من وفى فقضى نحبه ، ومنهم من بدل وهم الذين قال الله عز وجل فيهم : { ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل } الآية{[55409]} ومنهم من وفى ولم يقض نحبه فهو منتظر للموت{[55410]} .
قال أنس : تغيب أنس بن النضر{[55411]} عن قتال بدر فقال : تغيبت عن أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لئن رأيت قتالا ليرين الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد وهزم الناس لقي سعد بن معاذ فقال : والله إني لأجد ريح الجنة فتقدم فقاتل حتى قتل ، فنزلت هذه الآية : { من المومنين } وقال أنس{[55412]} : فوجدناه بين القتلى به بضعا وثمانين جراحة من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم ، فما عرفناه حتى عرفته أخته{[55413]} .
وقيل : معنى { صدقوا ما عاهدوا الله عليه } الإسلام .
وقوله : { وما بدلوا تبديلا } أي : ما غيروا العهد ولا الدين كما غيره المعوقون{[55414]} القائلون لإخوانهم هلم إلينا .
قال قتادة : معناه ما شكوا ولا ترددوا في دينهم ولا استبدلوا به غيره{[55415]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.