مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة سبأ مكية وهي أربع وخمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ الحمد } إن أجرى على المعهود فهو بما حمد به نفسه محمود ، وإن أجرى على الاستغراق فله لكل المحامد الاستحقاق { لِلَّهِ } بلام التمليك لأنه خالق ناطق الحمد أصلاً فكان بملكه مالك الحمد للتحميد أهلاً { الذى لَهُ مَا فِى السماوات وَمَا فِى الأرض } خلقاً وملكاً وقهراً فكان حقيقاً بأن يحمد سراً وجهراً { وَلَهُ الحمد فِى الآخرة } كما هو له في الدنيا إذ النعم في الدارين من المولى ، غير أن الحمد هنا واجب لأن الدنيا دار تكليف وثم لا ، لعدم التكليف وإنما يحمد أهل الجنة سروراً بالنعيم وتلذذاً بما نالوا من الأجر العظيم بقولهم { الحمد للَّهِ الذى صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [ الزمر : 74 ] { الحمد للَّهِ الذى أَذْهَبَ عَنَّا الحزن } [ فاطر : 34 ] { وَهُوَ الحكيم } بتدبير ما في السماء والأرض { الخبير } بضمير من يحمده ليوم الجزاء والعرض