مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا} (82)

{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان } أفلا يتأملون معانيه ومبانيه . والتدبر : التأمل والنظر في أدبار الأمر وما يؤول إليه في عاقبته ثم استعمل في كل تأمل . والتفكر : تصرف القلب بالنظر في الدلائل وهذا يرد قول من زعم من الروافض أن القرآن لا يفهم معناه إلا بتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام المعصوم ، ويدل على صحة القياس وعلى بطلان التقليد . { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله } كما زعم الكفار { لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً } أي تناقضاً من حيث التوحيد والتشريك والتحليل والتحريم ، أو تفاوتاً من حيث البلاغة فكان بعضه بالغاً حد الإعجاز وبعضه قاصراً عنه يمكن معارضته ، أو من حيث المعاني فكان بعضه إخباراً بغيب قد وافق المخبر عنه ، وبعضه إخباراً مخالفاً للمخبر عنه ، وبعضه دالاً على معنى صحيح عند علماء المعاني ، وبعضه دالاً على معنى فاسد غير ملتئم .

وأما تعلق الملحدة بآيات يدعون فيها اختلافاً كثيراً من نحو قوله : { فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } [ الأعراف : 107 ] { كَأَنَّهَا جَانٌّ } [ النمل : 10 ] { فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الحجر : 92 ] . { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ } [ الرحمن : 39 ] . فقد تفصى عنها أهل الحق وستجدها مشروحة في كتابنا هذا في مظانها إن شاء الله تعالى :