مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفۡسَكَۚ وَحَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأۡسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأۡسٗا وَأَشَدُّ تَنكِيلٗا} (84)

لما ذكر في الآي قبلها تثبطهم عن القتال وإظهارهم الطاعة وإضمارهم خلافها قال { فَقَاتِلْ فِى سَبِيلِ الله } إن أفردوك وتركوك وحدك { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } غير نفسك وحدها أن تقدمها إلى الجهاد فإن الله تعالى ناصرك لا الجنود ، وقيل : دعا الناس في بدر الصغرى إلى الخروج وكان أبو سفيان واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللقاء فيها فكره بعض الناس أن يخرجوا فنزلت ، فخرج وما معه إلا سبعون ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده { وَحَرّضِ المؤمنين } وما عليك في شأنهم إلا التحريض على القتال فحسب لا التعنيف بهم { عَسَى الله أَن يَكُفَّ بَأْسَ الذين كَفَرُواْ } أي بطشهم وشدتهم وهم قريش وقد كف بأسهم بالرعب فلم يخرجوا . و «عسى » كلمة مطمعة غير أن أطماع الكريم أعود من إنجاز اللئيم { والله أَشَدُّ بَأْساً } من قريش { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } تعذيباً وهو تمييز ك«بأساً » .