{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن } إنكارٌ واستقباحٌ لعدم تدبُّرِهم القرآنَ وإعراضِهم عن التأمل فيما فيه من موجبات الإيمانِ ، وتدبُّر الشيءِ تأمّلُه والنظرُ في أدباره ما يؤول إليه في عاقبته ومنتهاه ، ثم استعمل في كل تفكرٍ ونظرٍ ، والفاءُ للعطف على مقدر أي أيُعرِضون عن القرآن فلا يتأملون فيه ليعلموا كونَه من عند الله تعالى بمشاهدة ما فيه من الشواهد التي من جملتها هذا الوحيُ الصادقُ والنصُّ الناطقُ بنفاقهم المحكيِّ على ما هو عليه . { وَلَوْ كَانَ } أي القرآنُ { مِنْ عِندِ غَيْرِ الله } كما يزعُمون { لَوَجَدُوا فِيهِ اختلافاً كَثِيراً } بأن يكون بعضُ أخبارِه غيرَ مطابقٍ للواقع ، إذ لا علمَ بالأمور الغيبيةِ ماضيةً كانت أو مستقبلةً لغيره سبحانه ، وحيث كانت كلُّها مطابقةً للواقع تعيَّن كونُه من عنده تعالى . قال الزجاج : ولولا أنه من عند الله تعالى لكان ما فيه من الإخبار بالغيب -مما يُسِرُّه المنافقون وما يُبيِّتونه- مختلفاً ، بعضُه حقٌّ وبعضُه باطلٌ ، لأن الغيبَ لا يعلمه إلا الله تعالى . وقال أبو بكرٍ الأصمُّ : إن هؤلاءِ المنافقين كانوا يتواطؤون في السر على أنواع كثيرةٍ من الكيد والمكرِ وكان الله تعالى يُطلِعُ الرسولَ عليه الصلاة والسلام على ذلك ويُخبره بها مفصَّلةً فقيل لهم : إن ذلك لو لم يحصُلْ بإخبار الله تعالى لما اطَّردَ الصِّدقُ فيه ولوقع فيه الاختلافُ فلما لم يقَعْ ذلك قطُّ عُلم أنه بإعلامه تعالى ، هذا هو الذي يستدعيه جزالةُ النظمِ الكريمِ ، وأما حملُ الاختلافِ على التناقض وتفاوُتِ النظمِ في البلاغة بأن كان بعضُه دالاً على معنى صحيحٍ عند علماءِ المعاني وبعضُه على معنى فاسدٍ غيرِ ملتئمٍ وبعضُه بالغاً حدَّ الإعجازِ وبعضُه قاصراً عنه يُمكن معارضتُه -كما جنح إليه الجمهورُ- فما لا يساعده السباقُ ولا السياقُ ، ومن رام التقريبَ وقال : لعل ذكرَه هاهنا للتنبيه على أن اختلافَ ما سبق من الأحكام ليس لِتناقضٍ في الحِكَم والمصالحِ المقتضيةِ لذلك فقد بعُد عن الحق بمراحلِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.