فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا} (82)

{ أفلا يتدبرون القرآن } الهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر أي يعرضون عن القرآن فلا يتدبرون يقال تدبرت الشيء تفكرت في عاقبته وتأملته ثم استعمل في كل تأمل ، والتدبر أي يدبر الإنسان أمره كأنه ينظر إلى ما يصير إليه عاقبته .

ودلت هذه الآية وقوله تعالى { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } على وجوب التدبر للقرآن ليعرف معناه ، والمعنى أنهم لو تدبروا حق تدبره لوجدوه مؤتلفا غير مختلف ، صحيح المعاني قوي المباني ، بالغا في البلاغة إلى أعلا درجاتها ، قال ابن عباس : أفلا يتفكرون فيرون تصديق بعض لبعض وما فيه من المواعظ والذكر والأمر والنهي ، وأن أحدا من الخلق لا يقدر عليه .

{ ولو كان من عند غير الله } كما يزعمون { لوجدوا فيه اختلافا } أي تفاوتا وتناقصا { كثيرا } قاله ابن عباس ، ولا يدخل في هذا الاختلاف مقادير الآيات والسور لأن المراد اختلاف التناقض والتفاوت وعدم المطابقة للواقع ، وهذا شأن كلام البشر لا سيما إذا طال وتعرض قائله للإخبار بالغيب فإنه لا يوجد منه صحيحا مطابقا للواقع إلا القليل النادر . عن قتادة يقول : أن قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل وإن قول الناس يختلف .