مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{لِّكَيۡلَا تَأۡسَوۡاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٍ} (23)

ثم علل ذلك وبين الحكمة فيه بقوله :{ لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ } تحزنوا حزناً يطغيكم { على مَا فَاتَكُمْ } من الدنيا وسعتها أو من العافية وصحتها { وَلاَ تَفْرَحُواْ } فرح المختال الفخور { بِمَا ءاتاكم } أعطاكم من الإيتاء . أبو عمرو وأتاكم أي جاءكم من الإتيان يعني أنكم إذا علمتم أن كل شيء مقدر مكتوب عند الله ، قل أساكم على الفائت وفرحكم على الآتي ، لأن من علم أن ما عنده مفقود لا محالة لم يتفاقم جزعه عند فقده لأنه وطن نفسه على ذلك ، وكذلك من علم أن بعض الخير واصل إليه وأن وصوله لا يفوته بحال لم يعظم فرحه عند نيله ، وليس أحد إلا وهو يفرح عند منفعة تصيبه ويحزن عند مضرة تنزل به ولكن ينبغي أن يكون الفرح شكراً والحزن صبراً ، وإنما يذم من الحزن الجزع المنافي للصبر ومن الفرح الأشر المطغي الملهي عن الشكر { والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } لأن من فرح بحظ من الدنيا وعظم في نفسه اختال وافتخر به وتكبر على الناس