مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُلۡ أَنَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسۡتَهۡوَتۡهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِي ٱلۡأَرۡضِ حَيۡرَانَ لَهُۥٓ أَصۡحَٰبٞ يَدۡعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلۡهُدَى ٱئۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (71)

{ قُلْ } لأبي بكر يقل لابنه عبد الرحمن وكان يدعو أباه إلى عبادة الأوثان { أَنَدْعُواْ } أنعبد { مِن دُونِ الله } الضار النافع { مَا لاَ يَنفَعُنَا } ما لا يقدر على نفعنا إن دعوناه { وَلاَ يَضُرُّنَا } إن تركنا { وَنُرَدُّ } وأنرد { على أعقابنا } راجعين إلى الشرك { بَعْدَ إِذْ هدانا الله } للإسلام وأنقذنا من عبادة الأصنام { كالذي استهوته الشياطين } كالذي ذهبت به الغيلان ومردة الجن .

والكاف في محل النصب على الحال من الضمير في { نُرَدُّ على أعقابنا } أي أننكص مشبهين من استهوته الشياطين وهو استفعال من هوى في الأرض إذا ذهب فيها كأن معناه طلبت هويه { فِي الأرض } في المهمه { حَيْرَانَ } حال من مفعول { استهوته } أي تائهاً ضالاً عن الجادة لا يدري كيف يصنع { لَهُ } لهذا المستهوي { أصحاب } رفقة { يَدْعُونَهُ إِلَى الهدى } إلى أن يهدوه الطريق . سمي الطريق المستقيم بالهدى يقولون له { ائتنا } وقد اعتسف المهمة تابعاً للجن لا يجيبهم ولا يأتيهم ، وهذا مبني على ما يقال إن الجن تستهوي الإنسان ، والغيلان تستولي عليه ، فشبه به الضال عن طريق الإسلام التابع لخطوات الشيطان ، والمسلمون يدعونه إليه فلا يلتفت إليهم { قُلْ إِنَّ هُدَى الله } وهو الإسلام { هُوَ الهدى } وحده وما وراءه ضلال { وَأُمِرْنَا } محله النصب بالعطف على محل { إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهدى } على أنهما مقولان كأنه قيل : قل هذا القول وقل أمرنا { لِنُسْلِمَ لِرَبّ العالمين *