السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ أَنَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسۡتَهۡوَتۡهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِي ٱلۡأَرۡضِ حَيۡرَانَ لَهُۥٓ أَصۡحَٰبٞ يَدۡعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلۡهُدَى ٱئۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (71)

{ قل } يا محمد لهؤلاء المشركين الذين دعوك إلى دين آبائهم { أندعو } أي : نعبد { من دون الله } أي : غيره { ما لا ينفعنا } أي : بعبادته { ولا يضرّنا } أي : بتركها وهم الأصنام { ونردّ على أعقابنا } أي : نرجع إلى الشرك { بعد إذ هدانا الله } تعالى إلى التوحيد ودين الإسلام { كالذي استهوته } أي : أضلته { الشياطين في الأرض } حالة كونه { حيران } تائهاً ضالاً لا يهتدي لوجه ولا يدري كيف يسلك . وقرأ حمزة بعد الواو في استهوته بألف ممالة على التذكير ، والباقون بالتاء على التأنيث ، ورقق ورش راء ( حيران ) بخلاف عنه { له } أي : المستهوي { أصحاب } أي : رفقة { يدعونه إلى الهدى } أي : إلى الطريق المستقيم وسماه هدى : تسمية للمفعول بالمصدر يقولون له : { ائتنا } فلا يجيبهم فيهلك والاستفهام للإنكار وجملة التشبيه للحال من ضمير نردّ وهذا مثل ضربه الله تعالى لمن يدعو إلى عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ومن يدعو إلى عبادة الله عز وجل الذي يضر وينفع يقول : مثلهما كمثل رجل في رفقته ضل به الغيلان والشياطين عن الطريق المستقيم فجعل أصحابه من أهل رفقته يدعونه إليهم يقولون هلم إلى الطريق المستقيم وجعل الغيلان يدعونه إليهم فبقي حيران لا يدري أين يذهب فإن أجاب الغيلان ضل وهلك وإن أجاب أصحابه اهتدى وسلم { قل } لهم { إنّ هدى الله } الذي هو الإسلام { هو الهدى } وحده وما عداه ضلال { وأمرنا لنسلم لرب العالمين } أي : بأن نخلص العبادة له لأنه المستحق العبادة لا غيره .