ثم رد على عبدة الأصنام بقوله { قل أندعوا من دون الله } النافع الضار { ما لا ينفعنا ولا يضرنا } أي لا يقدر على النفع والضر { ونرد } داخل في الاستفهام أي أنرجع إلى الشرك بعد إذ أنقذنا الله تعالى منه وهدانا للإسلام ، فإن الردة عود إلى الحالة الأولى التي كان الإنسان عليها من الجهل كقوله { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً } [ النحل : 78 ] { كالذي استهوته } محله النصب على الحال من الضمير في { نرد } أي أننكص على العقبين مشبهين من استهوته وهو استفعال من هوى في الأرض إذا ذهب فيها كأن معناه طلبت هويه أي سقوطه من الموضع العالي إلى الوهدة العميقة كقوله : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء } [ الحج : 31 ] وقيل : اشتقاقه من اتباع الهوى و{ حيران } حال أخرى لكن من الضمير في { استهوته } وكذا الجملة بعده . ومعنى الحيرة التردد في الأمر بحيث لا يهتدي إلى مخرجه منه . ومنه تحيرت الروضة بالماء إذا امتلأت فتردد فيها الماء . { له } أي لهذا المستهوي { أصحاب } رفقة { يدعونه إلى الهدى } أي إن يهدوه الطريق المستوي فيكون مصدراً . وسمي الطريق المستقيم بالهدى يقولون له { ائتنا } أو الدعاء في معنى القول وهذا بناء على ما تزعمه العرب وتعتقده من أن الجن والغيلان تستهوي الإنسان وتستولي عليه ، فشبه به الضال عن طريق الإسلام التابع لخطوات الشيطان ، والمسلمون يدعونه إلى الحق وقد اعتسف المهمة تابعاً للجن غير ملتفت إليهم . وقيل : إن لذلك الكافر أصحاباً يدعونه إلى ذلك الضلال ويسمونه بأنه هو الهدى . وروي أن الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فإنه كان يدعو أباه إلى عبادة الأوثان { قل إن هدى الله } وهو الإسلام { هو } الذي يحق أن يسمى هدى وما وراءه غي وضلال { وأمرنا لنسلم لرب العالمين وأن أقيموا } قال الزجاج : لا بد من تأويل ليستقيم العطف فالتقدير : وأمرنا لنسلم ولنقيم ، أو أمرنا أن أسلموا وأن أقيموا : قيل : والسر في العدول عن الظاهر أن المكلف كالغائب ما لم يسلم فإذا أسلم صار كالحاضر . وتقرير الآية أن متعلق الأمر إما أن يكون من باب الأفعال أو من باب التروك . والأول إما أن يكون من أفعال القلوب أو من أفعال الجوارح ، ورئيس أفعال القلوب الإيمان بالله والإسلام وهو قوله { لنسلم } ورئيس أعمال الجوارح الصلاة وهو قوله { وأن أقيموا } ثم أشار إلى جوامع التروك بقوله { واتقوه } ثم قال { وهو الذي إليه تحشرون } ليعلم أن منافع هذه الأعمال إنما تظهر في يوم الحشر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.