بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ أَنَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسۡتَهۡوَتۡهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِي ٱلۡأَرۡضِ حَيۡرَانَ لَهُۥٓ أَصۡحَٰبٞ يَدۡعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلۡهُدَى ٱئۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (71)

قوله تعالى :

{ قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا } قال مقاتل : وذلك أن كفار مكة عذبوا نفراً من المسلمين ، وراودوهم على الكفر . قال الله تعالى للمسلمين : قولوا لهم { أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله } يعني : الأوثان { مَا لاَ يَنفَعُنَا } في الآخرة { وَلاَ يَضُرُّنَا } في الدنيا { وَنُرَدُّ على أعقابنا } نعود ونرجع إلى الشرك { بَعْدَ إِذْ هَدَانَا الله } إلى الإسلام { كالذي استهوته الشياطين في الأرض حَيْرَانَ } يعني : كمثل رجل كان مع قوم ، فضلَّ الطريق ، فحيره الشياطين و { لَهُ أصحاب يَدْعُونَهُ إِلَى الهدى } يعني : إلى الطريق أن { ائتنا } فإنا على الطريق ، فأبى أن يأتيهم . فذلك مثلنا إن تركنا دين محمد عليه السلام . وقال مجاهد : هذا مثل ضربه الله تعالى للكفار ، يقول : الكافر حيران يدعوه المسلم إلى الهدى فلا يجيب الكافر . وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : نزلت الآية في عبد الرحمن بن أبي بكر ، كان أبوه وأمه يدعوانه إلى الإسلام ، فأبى أن يأتيهما وهو يدعوهما إلى الشرك . فضرب الله تعالى له المثل بالذي استهوته الشياطين يعني : أضلته .

{ قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهدى } يعني : دين الله هو الإسلام { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبّ العالمين } يعني : لنخلص بالعبادة والتوحيد بالله تعالى . قرأ حمزة { استهواه } بلفظ التذكير بالإمالة . وقرأ الباقون { كالذي استهوته } بلفظ التأنيث ، لأن فعل الجماعة مقدم ، فيجوز أن يذكر ويؤنث كقوله : { وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حتى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } [ الأنعام : 61 ]