مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَـٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (72)

{ إِنَّ الذين ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ } من مكة حباً لله ورسوله { وجاهدوا بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله } هم المهاجرون { والذين ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ } أي آووهم إلى ديارهم ونصروهم على أعدائهم وهم الأنصار { أولئك بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } أي يتولى بعضهم بعضاً في الميراث ، وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة وبالنصرة دون ذوي القرابات حتى نسخ ذلك بقوله { وَأُوْلُو الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ } وقيل : أراد به النصرة والمعاونة { والذين ءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ } من مكة { مَا لَكُم مّن ولايتهم } من توليهم في الميراث { ولايتهم } حمزة .

وقيل : هما واحد { مّن شَيْءٍ حتى يُهَاجِرُواْ } فكان لا يرث المؤمن الذي لم يهاجر ممن آمن وهاجر ، ولما أبقى للذين لم يهاجروا اسم الإيمان وكانت الهجرة فريضة فصاروا بتركها مرتكبين كبيرة ، دل على أن صاحب الكبيرة لا يخرج من الإيمان { وَإِنِ استنصروكم } أي من أسلم ولم يهاجر { فِي الدين فَعَلَيْكُمُ النصر } أي إن وقع بينهم وبين الكفار قتال وطلبوا معونة فواجب عليكم أن تنصروهم على الكافرين { إِلاَّ على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مّيثَاقٌ } فإنه لا يجوز لكم نصرهم عليهم لأنهم لا يبتدئون بالقتال ، إذ الميثاق مانع من ذلك { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } تحذير عن تعدي حد الشرع .