محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا نُزُلٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّلۡأَبۡرَارِ} (198)

198

( لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار198 ) .

( لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله ) بيان لكمال حسن حال المؤمنين ، غب بيان وتكرير له ، اثر تقرير ، مع زيادة خلودهم في الجنات ليتم بذلك سرورهم ، ويزداد تبجحهم ، ويتكامل به سوء حال الكفرة . والنزل ( بضمتين ، وضم فسكون ) المنزل ، وما هيء للنزيل أن ينزل عليه ( وما / عند الله خير للأبرار ) أي مما يتقلب فيه الفجار من المتاع القليل الزائل . والتعبير عنهم ب ( الأبرار ) للإشعار بأن الصفات المعدودة من أعمال البر ، كما أنها من قبيل التقوى .

روى الشيخان -واللفظ للبخاري- عن عمر بن الخطاب قال : " جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو في مشربة ، وانه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء ، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ، وعند رجليه قرظ مصبور ، وعند رأسه أهب معلقة ، فرأيت أثر الحصير في جنبه ، / فبكيت ! فقال : ما يبكيك ؟ قلت : يا رسول الله ! إن كسرى وقيصر فيما هم فيه ، وأنت يا رسول الله ! فقال : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ، ولنا الآخرة ؟ "

وروى ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن عبد الله بن مسعود أنه قال : " ما من نفس برة ولا فاجرة إلا الموت خير لها . لئن كان برا ، لقد قال تعالى : ( وما عند الله خير للأبرار ) / وقرأ : ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم ، إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ، ولهم عذاب مهين ) .

وروى ابن جرير عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه أنه كان يقول : " ما من مؤمن إلا والموت خير له ، وما من كافر إلا والموت خير له ، ومن لم يصدقني فان الله يقول : ( وما عند الله خير لأبرار ) ويقول : ( ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم . . . ) الآية " - .

وأخرج نحوه رزين عن ابن عباس .