نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا نُزُلٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّلۡأَبۡرَارِ} (198)

ولما بين بآية المهاجرين أن النافع من الإيمان هو الموجب للثبات عند الامتحان . وكانت تلك الشروط قد لا توجد ، ذكر وصف التقوى العام للأفراد الموجب للإسعاد ، فعقب تهديد الكافرين بما لأضدادهم المتقين الفائزين بما تقدم الدعاء إليه بقوله تعالى :{ قل أأنبئكم بخير من ذلكم }[ آل عمران : 15 ] فقال تعالى : { لكن الذين اتقوا ربهم } أي أوقعوا الاتصاف بالتقوى بالائتمار بما أمرهم به{[20217]} المحسن إليهم و{[20218]}الانتهاء عما نهاهم شكراً لإحسانه{[20219]} وخوفاً من عظم شأنه { لهم جنات } وإلى{[20220]} جنات ، ثم وصفها بقوله : { تجري من تحتها الأنهار } تعريفاً بدوام تنوعها{[20221]} وزهرتها وعظيم بهجتها .

ولما وصفها بضد ما عليه النار وصف تقلبهم فيها بضد ما عليه الكفار من كونهم في ضيافة الكريم الغفار فقال : { خالدين فيها } ولما كان النزل ما يعد للضيف عند نزوله قال معظماً ما لمن يرضيه : { نزلا } ولما كان الشيء يشرف بشرف{[20222]} من هو من عنده نبه على عظمته بقوله : { من عند الله } مضيفاً إلى الاسم الأعظم ، وأشار بجعل الجنات كلها نزلاً إلى التعريف بعظيم ما لهم بعد ذلك عنده سبحانه من النعيم الذي لا يمكن الآدميين وجه{[20223]} الاطلاع على حقيقة وصفه ، ولهذا قال معظماً - لأنه لو أضمر لظن الاختصاص بالنزل - { وما عند الله } أي الملك الأعظم من النزل وغيره { خير للأبرار * } مما فيه الكفار ومن كل ما يمكن أن يخطر بالبال من النعيم .


[20217]:سقط من ظ.
[20218]:سقط من ظ.
[20219]:من ظ ومد، وفي الأصل: لاحسانهم.
[20220]:من ظ ومد، أي النعمة، وفي الأصل: أي.
[20221]:من ظ، وفي الأصل: نوعها، وفي مد: ينوعها ـ كذا.
[20222]:سقط من ظ.
[20223]:زيد من مد.