محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ كِتَٰبِ ٱللَّهِ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ وَهُم مُّعۡرِضُونَ} (23)

( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون23 ) .

( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ) التوراة . والمراد بهم أحبار اليهود ( يدعون إلى كتاب الله ) وهو القرآن ( ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم ) استبعاد لتوليهم بعد علمهم أن الرجوع إلى كتاب الله واجب ، إذ قامت عليهم الحجج الدالة على تنزيله ( وهم معرضون ) حال من فريق ، أي معرضون عن قبول حكمه ، أو اعتراض ، أي وهم قوم ديدنهم الإعراض عن الحق ، والإصرار على الباطل . ومن المفسرين من حمل قوله

( يدعون إلى كتاب الله ) على التوراة ، وأن الآية إشارة إلى قصة تحاكم اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما زنى منهم اثنان ، فحكم عليهما بالرجم ، فأبوا وقالوا : لا نجد في كتابنا إلا التحميم ، فجيء بالتوراة فوجد فيها الرجم ، فرجما فغضبوا فشنع عليهم بهذه الآية . والله أعلم .

/ قال بعض المفسرين : وللآية ثمرتان :

الأولى- أن من دعي إلى كتاب الله وإلى ما فيه من شرع وجب عليه الاجابة . وقد قال العلماء رضي الله عنهم : يستحب أن يقول سمعا وطاعة ، لقوله تعالى : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) .

الثمرة الثانية- أن الاسلام ليس بشرط في الاحصان ، لأنه صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين ، ونزلت الآية مقررة له . انتهى –أي على القول بذلك ، والله أعلم .