{ ألم تر } أي : تنظر { إلى الذين أوتوا نصيباً } أي : حظاً { من الكتاب } أي : التوراة أو جنس الكتب السماوية ومن للتبعيض أو البيان ، قال البيضاوي : وتنكير النصيب يحتمل التعظيم والتحقير انتهى . أمّا التعظيم فظاهر وهو ما اقتصر عليه الزمخشريّ ، وأمّا التحقير ففيه نظر إذ النصيب المراد به الكتاب أو بعضه لا حقارة فيه وقد يقال : إن تحقيره بالنسبة إليهم حيث لم يعملوا به { يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم } الداعي هو محمد صلى الله عليه وسلم وكتاب الله القرآن أو التوراة واختلفوا في سبب نزول هذه الآية ، فروى سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدراس أي : موضع صاحب دراسة كتبهم على جماعة من اليهود فدعاهم إلى الله عز وجل فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد : على أي دين أنت ؟ قال : دين إبراهيم فقالا له : إن إبراهيم كان يهودياً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم فأبيا عليه فأنزل الله عز وجل هذه الآية ) .
وروى الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( أنّ رجلاً وامرأة من أهل خيبر زنيا وكان في كتابهم الرجم فكرهوا رجمهما لشرفهما فيهم فرفعوا أمرهما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ورجوا أن تكون عنده رخصة فحكم عليهما بالرجم ، فقال له النعمان بن أوفى وعديّ بن عمرو : جرت علينا يا محمد ليس عليهما الرجم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بيني وبينكم التوراة » قالوا : قد أنصفتنا قال : «فمن أعلمكم بالتوراة ؟ » قالوا : رجل يقال له عبد الله بن صوريا فأرسلوا إليه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من التوراة فيها الرجم مكتوب فقال له : اقرأ فلما أتى على آية الرجم وضع كفه عليها وقرأ ما بعدها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ابن سلام : يا رسول الله قد جاوزها وقام فرفع كفه عنها ثم قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اليهود أن المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البينة رجماً ، وإن كانت حبلى تتربص حتى تضع ما في بطنها ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهوديين فرجما فغضب اليهود وانصرفوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية { ثم يتولى فريق منهم } ) وأتى بثم لاستبعاد توليهم مع علمهم بأن الرجوع إلى كتاب الله تعالى واجب لا للتراخي في الزمان إذ لا تراخي فيه . وقوله تعالى : { وهم معرضون } أي : عن قبول حكمه جملة حالية من فريق وإنما ساغ لتخصيصه بالصفة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.