محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

{ أفمن شرح الله صدره للإسلام } أي وسعه لتسليم الوجه إليه وحده ، ولقبول دينه وشرعه بلطفه وعنايته وإمداده سبحانه { فهو على نور من ربه } أي على بينة ومعرفة ، واهتداء إلى الحق . واستعارة النور للهدى والعرفان ، شهيرة ، كاستعارة الظلمة لضد ذلك . وخبر ( من ) محذوف دل عليه قوله تعالى : { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله } أي من قبول ذكره لشدة ميلها إلى اللذات البدنية ، وإعراضها عن الكمالات القدسية . أو من أجل ذكره . ف ( من ) للتعليل والسببية . وفيها معنى الابتداء لنشئها عنه . قال الشهاب : إذا ( قيل قسا منه ) فالمراد أنه سبب لقسوة نشأت منه . وإذا قيل ( قسا عنه ) فالمعنى أن قسوته جعلته متباعدا عن قبوله . وبهما ورد استعماله . وقد قرئ ب ( عن ) في الشواذ . ولكن الأول أبلغ لأن قسوة القلب تقتضي عدم ذكر الله وهو معناه إذا تعدّى ب ( عن ) وذكره تعالى مما يلين القلوب ، فكونه سببا للقسوة ، يدل على شدة الكفر الذي جعل سبب الرقة ، سببا لقسوته { أولئك في ضلال مبين } أي عن طريق الحق .