محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

{ فبأي آلاء ربكما تكذبان } قال أبو السعود : الخطاب للثقلين المدلول عليهما بقوله تعالى : {[6883]} { للأنام } ، وسينطق به قوله تعالى {[6884]} { أيه الثقلان } . والفاء لترتيب الإنكار ، والتوبيخ على ما فصل من فنون النعماء ، وصنوف الآلاء الموجبة للإيمان والشكر حتما . والتعرّض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية الكلية والتربية مع الإضافة إلى ضميرهم لتأكيد النكير ، وتشديد التوبيخ . ومعنى تكذيبهم بآلائه تعالى ، كفرهم بها ، إما بإنكار كونه نعمة في نفسه ، كتعليم القرآن ، وما يستند إليه من النعم الدينية ، وإما بإنكار كونه من الله تعالى ، مع الاعتراف بكونه نعمة في نفسه ، كالنعم الدنيوية الواصلة إليهم بإسناده إلى غيره تعالى استقلالا ، أو اشتراكا صريحا ، أو دلالة ، فإن إشراكهم لآلهتهم به تعالى في العبادة ن دواعي إشراكهم لها به تعالى فيما يوجبها . والتعبير عن كفرهم المذكور بالتكذيب ، لما أن دلالة الآلاء المذكورة على وجوب الإيمان والشكر ، شهادة منها بذلك . فكفرهم تكذيب بها لا محالة . أي فإذا كان الأمر كما فصل ، فبأي فرد من أفراد آلاء مالككما ومربّيكما بتلك الآلاء تكذبان ، مع أن كلا منها ناطق بالحق ، شاهد بالصدق . انتهى .


[6883]:[55 / الرحمان / 10].
[6884]:[55 / الرحمان / 31].