محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَنَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡ وَإِنَّا فَوۡقَهُمۡ قَٰهِرُونَ} (127)

[ 127 ] { وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتّل أبناءهم ونستحي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ( 127 ) } .

{ وقال الملأ من قوم فرعون } أي خوفا من انقلاب الخلائق عليهم حين رأوا/ السحرة جاهروا بالإسلام ، ولم يبالوا بالتوعد { أتذر } أي أتترك { موسى وقومه ليفسدوا في الأرض } أي في أرض مملكتك بتغيير الناس عنك { ويذرك وآلهتك } الآلهة جمع ( إله ) ، بمعنى المعبود . وكان للمصريين آلهة كثيرة منها المسمى ( أوسيرس ) وكانوا يعتقدون أن روحه توجد في الثور المسمى ( أبيس ) ، فيعبدونه أيضا ، ويعبدون كثيرا من الحيوانات . وكانوا يعبدون الظلام أيضا ، ويعبدون ( بعلز بوب ) صنم ( عقرون ) يعتقدون أن وظيفته طرد الذبان . وبالجملة فقد فاقا كل من سواهم في الضلال ، فكانوا يسجدون للشمس والقمر والنجوم والأشخاص البشرية والحيوانات ، حتى الهوامّ وأدنى حشرات الأرض . هكذا حكى عنهم بعض المدققين .

وقد ذكر الشهرستاني في ( الملل والنحل ) أن فرعون كان أول أمره على مذهب الصابئة ، ثم انحرف عن ذلك ، وادعى لنفسه الربوبية ، إذ رأى في نفسه قوة الاستعمال والاستخدام . انتهى .

وتقدم في سورة البقرة بيان مذهب الصابئة . فتذكر .

وقال بعضهم : إن كلمة ( الآلهة ) لفظة اصطلاحية عند العبارنيين ، يراد بها القضاة والحكام الذين يقضون بأمر الله ، وأنها لو حملت على هذا ههنا ، لم يبعد ، ويكون المعنى : ويذرك وقضاتك وذي أمرك ، ويكون الغرض من ذكرهم معه تهويل الأمر وإلهاب قلب فرعون على موسى ، وإثارة غضبه . وقد صرح غير واحد بوقوع ألفاظ من غير العربية في القرآن ، كما نقله السيوطي في النوع الثامن والثلاثين من ( الإتقان ) - انتهى- والأظهر ما قدمناه أولا . { قال سنقتل } قرئ بالتخفيف والتشديد { أبناءهم } المولودين { ونستحيي } أي نستبقي { نساءهم } أي للاستخدام { وإنا فوقهم قاهرون } أي بالغلبة والقدرة عليهم ، ففعلوا بهم ذلك ، فشكا بنو إسرائيل .