بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَنَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡ وَإِنَّا فَوۡقَهُمۡ قَٰهِرُونَ} (127)

قوله تعالى { وَقَالَ الملأ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأرض } يعني : إن السحرة قد آمنوا به فلو تركتهما يؤمن بهما جميع أهل مصر ، فيفسدوا في الأرض يعني : موسى وقومه ويغيروا عليك دينك في أرض مصر { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } وذلك أن فرعون كان قد جعل لقومه أصناماً يعبدونها ، وكان يقول لهم هؤلاء أربابكم الصغار ، وأنا ربكم الأعلى . فذلك قوله تعالى : { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } يعني : يدعك ويدع أصنامك التي أمرت بعبادتها . وروي عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان يقرأ { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } يعني : عبادتك وتعبدك . قال ابن عباس : كان فرعون يُعْبد ولا يَعْبُد . ويقال : معنى قوله : { أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ في الأرض } يعني : يغلبوا عليكم ، ويقتلون أبناءكم ، ويستحيون نساءكم كما فعلتم بهم كما قال في آية أُخرى { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذروني أَقْتُلْ موسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إني أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ في الأرض الفساد } [ غافر : 26 ] فقال لهم فرعون : { سَنُقَتّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِى نِسَاءهُمْ } لأنهم قد كانوا تركوا قتل الأبناء ، فأمرهم أن يرجعوا إلى ذلك الفعل . قرأ ابن كثير ونافع { سَنُقَتّلُ أَبْنَاءهُمْ } بجزم القاف والتخفيف . وقرأ الباقون بالتشديد على معنى التكثير والمبالغة في القتل .

ثم قال : { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهرون } أي : مسلطون فشكت بنو إسرائيل إلى موسى .