الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَنَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡ وَإِنَّا فَوۡقَهُمۡ قَٰهِرُونَ} (127)

ثم قال تعالى {[24797]} مخبرا عنهم : { [ و {[24798]} ] قال الملأ من قوم فرعون }[ 127 ] ، أي : قال جماعة من أشراف قومه {[24799]} : { أتذر موسى وقومه }[ 127 ] ، أي : أتدع يا فرعون ، موسى وقومه من بني إسرائيل ، { ليفسدوا في الأرض }[ 127 ] أي : كي يفسدوا عليك خدمك وعبيدك في أرضك من مصر ، { ويذرك وآلهتك }[ 127 ] ، أي : ويدع خدمتك موسى وعبادتك وعبادة آلهتك {[24800]} .

والنصب في { ويذرك {[24801]} } على الصرف {[24802]} ، إن جعلت معنى الكلام : ليفسدوا في الأرض ، وقد تركك وترك عبادة آلهتك {[24803]} .

وإن جعلت المعنى { ليفسدوا في الارض ويذرك وآلهتك } على التوبيخ لفرعون عن {[24804]} تركه موسى ( عليه السلام {[24805]} ) ، فنصبه على العطف على { ليفسدوا } {[24806]} .

وقرأ {[24807]} ابن عباس ، ومجاهد : " ويذرك {[24808]} وءالاهتك {[24809]} " . أي : عبادتك {[24810]} .

وكان فرعون إذا رأى بقرة سمينة أمرهم أن يعبدوها {[24811]} .

وقوله : { أنا ربكم الاعلى {[24812]} } ، يدل على أنهم كانوا يعبدون غيره ، ممن {[24813]} هو دونه عندهم {[24814]} ، فهذا يدل على صحة قراءة الجماعة : { وآلهتك } .

قال {[24815]} ابن عباس حجة لقراءته ( " وإلاهتك " {[24816]} ) : كان يعبد {[24817]} ولا يعبد {[24818]} .

وبذلك {[24819]}قرأ مجاهد على معنى : وعبادتك {[24820]} .

وبه قرأ الضحاك {[24821]} .

ومن قرأ : " وإلاهتك " ، تأوله {[24822]} أن فرعون لم يكن يَعْبُدُ {[24823]} شيئا ، إنما كان يُعْبد من دون الله {[24824]} ، ( سبحانه وتعالى ) {[24825]} .

وقيل : إن قوم فرعون لهم أصنام يعبدونها ، تقربهم إليه {[24826]} فيما ترون .

فأجابهم فرعون فقال : { سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون }[ 127 ] ، أي : عالون عليهم بالملك والسلطان {[24827]} .

{ {[24828]}وآلهتك } ، وقف {[24829]} .


[24797]:في ج: قال الله تعالى.
[24798]:في ج: قال الله تعالى.
[24799]:في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 171: "أشرافهم ووجوهم. وكذلك الملأ من قومه في كل موضع". وانظر: تفسير الماوردي 2/247.
[24800]:جامع البيان 13/32، 37.
[24801]:في ج، ور: يذرك.
[24802]:واو الصرف تسمية الكوفيين؛ لأنها تصرف آخر الكلام على أوله. ويسميه البصريون: واو المعية.حروف المعاني للزجاجي38، وجملة 187، ومغني اللبيب 471، 472. وانظر: معنى: "الصرف" في معاني القرآن للفراء 1/33، 34، و: 235، 236، والإنصاف لابن الأنباري 2/555.
[24803]:انظر: معاني القرآن للفراء 1/391، والمحرر الوجيز 2/441. وفي جامع البيان 13/37، الذي نقل عنه مكي، بتصرف: "وإذا وجه الكلام إلى هذا الوجه من التأويل كان النصب في قوله: {ويذرك} على الصرف، لا على العطف به على قوله: {ليفسدوا}.
[24804]:في ج: على.
[24805]:ما بين الهلالين ساقط من ج، ور.
[24806]:جامع البيان 13/37، بتصرف. وانظر: التبيان للعكبري 1/589، والبحر المحيط 4/366، وتفسير ابن كثير 2/239، والدر المصون 3/324. ورجح الطبري نصب {ويذرك} على الصرف؛ "لأن التأويل من أهل التأويل به جاء"، كما في قراءة أبي بن كعب: "وقد تركوك أن يعبدوك وآلهتك".
[24807]:في ج: وقراءات.
[24808]:في ر: ويديك، وهو تحريف محض.
[24809]:بقصر الألف، وكسر الهمزة وفتح اللام.
[24810]:صحيفة علي بن أبي طلحة 232، وتفسير مجاهد 341، وجامع البيان 13/38، 9، وتفسير ابن كثير 2/239. وينظر المختصر في شواذ القرآن 50، والمحتسب في تبيين شواذ القراءات 1/256، وإعراب القراءات الشواذ 1/556، وتفسير القرطبي 7/167، والبحر المحيط 4/367، والدر المصون 3/325.
[24811]:انظر: جامع البيان 13/38، 39، وتفسير الماوردي 2/248، وزاد المسير 3/244، وتفسير القرطبي 7/167، والبحر المحيط 4/367.
[24812]:النازعات: 24.
[24813]:في ج: من هو دونه غيره عندهم.
[24814]:انظر: معاني القرآن للزجاج 2/367، والمحرر الوجيز 2/441، وتفسير القرطبي 7/167، والبحر المحيط 4/367، والدر المصون 3/325.
[24815]:في ج: وقال.
[24816]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24817]:في ر: بعيد، وهو تصحيف.
[24818]:جامع البيان 13/39، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1538، والمحرر الوجيز 2/441، والبحر المحيط 4/367، والدر المصون 3/325، والدر المنثور 3/516.
[24819]:في ر: بذلك.
[24820]:سلف توثيقها 2498 هامش 10.
[24821]:تفسير البغوي 3/267، وتفسير القرطبي 7/167، والدر المنثور 3/516.
[24822]:في ج: تأول.
[24823]:في ر: بعيد، وهو تصحيف.
[24824]:وهو تأويل ابن عباس، وغيره، فوقه.
[24825]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24826]:وهو قول الزجاج في معاني القرآن 2/367ن وتفسير الماوردي 2/248، وتفسير القرطبي 7/167.
[24827]:انظر: جامع البيان 13/41، 42.
[24828]:في ر: والهتك.
[24829]:وهو وقف حسن في القطع والإئتناف 340، والمقصد 150، ومنار الهدى 150. وكاف في المكتفى 275.