الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَنَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡ وَإِنَّا فَوۡقَهُمۡ قَٰهِرُونَ} (127)

قولُ ملأ فرعونَ : { أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ . . . } [ الأعراف :127 ] .

مقالةٌ تتضمَّن إِغراء فرعون وتحريضَهُ ، وقولُهم : { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } ، رُويَ أن فرعون كان في زمنه للناس آلهةٌ مِنْ بقرٍ ، وأصنامٍ ، وغير ذلك ، وكان فرعونُ قَدْ شَرَع ذلك ، وَجَعل نَفْسَه الإله الأَعلَى فقوله على هذا { أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى } [ النازعات : 24 ] إنما يريدُ : بالنَّسْبة إِلى تلك المعبودات .

وقيل : إِن فرعون كان يعبد حَجَراً يعلِّقه في صَدْره . كأنه ياقوتَةٌ أو نحوها ، وعن الحسنِ نحوه ، وقوله : { سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ } ، المعنى : سنستمرُّ عَلى ما كنا عليه مِنْ تعذيبهم ، وقوله : { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ } ، يريد : في المنزلة ، والتمكُّن من الدنيا ، و { قاهرون } : يقتضي تحقير أمرهم ، أي : هم أقلُّ من أن يُهتمَّ بهم . قلت : وهذا من عَدُوِّ الله تجلُّدٌ ، وإِلاَّ فقد قال فيما أخبر الله سبحانه به عنه : { إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذرون } [ الشعراء : 54 ، 55 ، 56 ] .