تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

ثم زاد في تأنيبهم وتوبيخهم بقوله :

{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وتقطعوا أَرْحَامَكُمْ أولئك الذين لَعَنَهُمُ الله فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ }

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين وصف أنهم إذا نزلت سورة محكمة، وذُكر فيها القتال نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر المغشيّ عليه "فَهَلْ عَسَيْتُمْ "أيها القوم، يقول: فلعلكم إن توليتم عن تنزيل الله جلّ ثناؤه، وفارقتم أحكام كتابه، وأدبرتم عن محمد صلى الله عليه وسلم وعما جاءكم به "أنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ" يقول: أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به، وتسفكوا فيها الدماء "وَتُقَطّعُوا أرْحامَكُمْ" وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليتكم من التشتت والتفرّق بعد ما قد جمعكم الله بالإسلام، وألّف به بين قلوبكم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

إن الآية في المنافقين؛ كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمعون منه ما قال، ثم إذا تولّوا عنه كانوا يسعون في الأرض بالفساد...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: ما معنى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ... أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض}؟ قلت: معناه: هل يتوقع منكم الإفساد؟

فإن قلت: فكيف يصح هذا في كلام الله عز وعلا وهو عالم بما كان وبما يكون؟ قلت: معناه إنكم لما عهد منكم أحقاء بأن يقول لكم كل من ذاقكم وعرف تمريضكم ورخاوة عقدكم في الإيمان: يا هؤلاء، ما ترون؟ هل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم لما تبين منكم من الشواهد ولاح من المخايل {أَن تُفْسِدُواْ فِى الأرض وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} تناحرا على الملك وتهالكا على الدنيا؟ وقيل: إن أعرضتم وتوليتم عن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض: بالتغاور والتناهب، وقطع الأرحام: بمقاتلة بعض الأقارب بعضاً ووأد البنات؟... وفي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «تُوِلِّتُم» أي: إن تولاكم ولاة غشمة خرجتم معهم ومشيتم تحت لوائهم وأفسدتم بإفسادهم؟

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والمعنى: فهل عسى أن تفعلوا {إن توليتم} غير {أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}،...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وهذه الآية فيها إشارة إلى فساد قول قالوه، وهو أنهم كانوا يقولون كيف نقاتل والقتل إفساد والعرب من ذوي أرحامنا وقبائلنا؟ فقال تعالى: {إن توليتم} لا يقع منكم إلا الفساد في الأرض فإنكم تقتلون من تقدرون عليه وتنهبونه والقتال واقع بينكم، أليس قتلكم البنات إفسادا وقطعا للرحم؟ فلا يصح تعللكم بذلك مع أنه خلاف ما أمر الله وهذا طاعة... {إن توليتم}... من التولي الذي هو الإعراض... أي كنتم تتركون القتال وتقولون فيه الإفساد وقطع الأرحام لكون الكفار أقاربنا فلا يقع منكم إلا ذلك حيث تقاتلون على أدنى شيء كما كان عادة العرب... فلم تتقاعدون عن القتال وتتباعدون في الضلال...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فهل عسيتم}...

هل يمكن عندكم نوع إمكان وتتوقعون شيئاً من توقع أن يكون حالكم جديراً وخليقاً لتغطية علم العواقب عنكم فتخافون من أنفسكم...

. {إن توليتم} أي بأنفسكم عن الجهاد الذي أمركم به ربكم الذي عرفكم من فوائده ما لا مزيد عليه مما لا يتركه معه عاقل ولا يتخيل تركه إلا على سبيل الفرض -بما أشارت إليه أداة الشرط -... {أن تفسدوا} أي توقعوا الإفساد العظيم الذي يستمر تجديده منكم {في الأرض} بقتال يكرهه الله ويسخطه ويغضب أشد غضب على فاعله وتكونوا في غاية الجرأة عليه... {وتقطعوا} تقطعياً عظيماً شديداً كثيراً منتشراً كبيراً {أرحامكم} فتكونوا بذلك أعزة على المؤمنين كما كنتم أذلة على الكافرين، وأقل ما في إعراضكم خذلانكم للمؤمنين المجاهدين بما قد يكون سبباً لظهور الكافرين عليهم فتكونوا بذلك قد جمعتم بين قطيعة- أرحامهم وفقدكم لما كان يصل إليكم من منافعهم...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

ولا ريبَ في أنَّ الإعراضَ عن الإسلامِ رأسُ كلِّ شرَ وفسادٍ فحقُّه أنْ يجعلَ عمدةً في التوبيخِ لا وسيلةً للتوبيخِ بما دونَهُ من المفاسدِ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم؟).. وهذا التعبير.. (هل عسيتم).. يفيد ما هو متوقع من حال المخاطبين. ويلوح لهم بالنذير والتحذير.. احذروا فإنكم منتهون إلى أن تعودوا إلى الجاهلية التي كنتم فيها. تفسدون في الأرض وتقطعون الأرحام، كما كان شأنكم قبل الإسلام..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

مقتضى تناسق النظم أن هذا مفرع على قوله: {فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم} [محمد: 21] لأنه يفهم منه أنه إذا عزم الأمر تولوا عن القتال وانكشف نفاقهم فتكون إتماماً لما في الآية السابقة من الإنباء بما سيكون من المنافقين يوم أُحُد. وقد قال عبد الله بن أبي: عَلاَم نقتل أنفسنا ها هنا؟ وربما قال في كلامه: وكيف نقاتل قريشاً وهم من قومنا، وكان لا يرى على أهل يثرب أن يقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ويرى الاقتصار على أنهم آووه. والخطاب موجّه إلى الذين في قلوبهم مرض على الالتفات.

والاستفهام مستعمل في التكذيب لما سيعتذرون به لانخزالهم ولذلك جيء فيه ب {هل} الدالة على التحقيق لأنّها في الاستفهام بمنزلة (قد) في الخبر، فالمعنى: أفيتحقق إن توليتم أنكم تفسدون في الأرض وتقطعون أرحامكم وأنتم تزعمون أنكم توليتم إبقاء على أنفسكم وعلى ذوي قرابة أنسابكم على نحو قوله تعالى: {قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا} [البقرة: 246] وهذا توبيخ كقوله تعالى: {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم} [البقرة: 85]. والمعنى: أنكم تقعون فيما زعمتم التّفادي منه وذلك بتأييد الكفر وإحداث العداوة بينكم وبين قومكم من الأنصار. فالتولّي هنا هو الرجوع عن الوجهة التي خرجوا لها كما في قوله تعالى: {فلما كتب عليهم القتال تولّوا إلا قليلاً منهم} [البقرة: 246] وقوله: {أفرأيت الذي تولّى} [النجم: 33] وقوله: {فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى} [طه: 60]. وبمثله فسر ابن جريج وقتادة على تفاوتتٍ بين التفاسير. ومن المفسرين من حمل التولّي على أنه مطاوع وَلاّه إذا أعطاه ولاية، أي ولاية الحكم والإمارة على الناس وبه فسر أبو العالية والكلبي وكعب الأحبار. وهذا بعيد من اللفظ ومن النظم وفيه تفكيك لاتصال نظم الكلام وانتقال بدون مناسبة، وتجاوز بعضهم ذلك فأخذ يدعي أنها نزلت في الحرورية ومنهم من جعلها فيما يحدث بين بني أمية وبني هاشم على عادة أهل الشيع والأهواء من تحميل كتاب الله ما لا يتحمله ومن قصر عموماته على بعض ما يراد منها.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

{ فهل عسيتم إن توليتم } أي لعلكم إن أعرضتم عما جاء به محمد عليه السلام أن تعودوا إلى أمر الجاهلية فيقتل بعضكم بعضا وهو قوله { أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } أي بالبغي والظلم والقتل

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

فيه أربع مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض " اختلف في معنى " إن توليتم " فقيل : هو من الولاية . قال أبو العالية : المعنى فهل عسيتم إن توليتم الحكم فجُعِلتم حكاما أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشا . وقال الكلبي : أي فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم . وقال ابن جريج : المعنى فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام . وقال كعب : المعنى فهل عسيتم إن توليتم الأمر أن يقتل بعضكم بعضا . وقيل : من الإعراض عن الشيء . قال قتادة : أي فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء الحرام ، وتقطعوا أرحامكم . وقيل : " فهل عسيتم " أي فلعلكم إن أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه أن تفسدوا في الأرض فتعودوا إلى جاهليتكم . وقرئ بفتح السين وكسرها . وقد مضى في " البقرة " القول فيه مستوفى{[13941]} . وقال بكر المزني : إنها نزلت في الحرورية والخوارج ، وفيه بعد . والأظهر أنه إنما عني بها المنافقون . وقال ابن حيان : قريش . ونحوه قال المسيب بن شريك والفراء ، قالا : نزلت في بني أمية وبني هاشم ، ودليل هذا التأويل ما روى عبد الله بن مغفل قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض - ثم قال - هم هذا الحي من قريش أخذ الله عليهم إن ولوا الناس ألا يفسدوا في الأرض ولا يقطعوا أرحامهم ) . وقرأ علي بن أبي طالب " إن توليتم أن تفسدوا في الأرض " بضم التاء والواو وكسر اللام . وهي قراءة ابن أبي إسحاق ، ورواها رويس عن يعقوب . يقول : إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة وحاربتموهم .

قوله تعالى : " وتقطعوا أرحامكم " بالبغي والظلم والقتل . وقرأ يعقوب وسلام وعيسى وأبو حاتم " وتقطعوا " بفتح التاء وتخفيف القاف ، من القطع ، اعتبارا بقوله تعالى : " ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل " {[13942]} [ البقرة : 27 ] . وروى هذه القراءة هارون عن أبى عمرو . وقرأ الحسن " وتقطعوا " مفتوحة الحروف مشددة ، اعتبارا بقوله تعالى : " وتقطعوا أمرهم بينهم " {[13943]} [ الأنبياء : 93 ] . الباقون " وتقطعوا " بضم التاء مشددة الطاء ، من التقطيع على التكثير ، وهو اختيار أبي عبيد . وتقدم ذكر " عسيتم " [ البقرة : 246 ] في ( البقرة ){[13944]} . وقال الزجاج في قراءة نافع : لو جاز هذا لجاز " عيسى " بالكسر . قال الجوهري : ويقال عسيت أن أفعل ذلك ، وعسيت بالكسر . وقرئ " فهل عسيتم " بالكسر .

قلت : ويدل قوله هذا على أنهما لغتان . وقد مضى القول فيه في " البقرة " مستوفى{[13945]} .


[13941]:راجع ج 3 ص 244.
[13942]:آية 27 سورة البقرة.
[13943]:آية 93 سورة الأنبياء.
[13944]:ج 3 ص 244.
[13945]:ج 3 ص 244.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

{ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } هذا خطاب للمنافقين المذكورين خرج من الغيبة إلى الخطاب ، ليكون أبلغ في التوبيخ والمعنى : هل يتوقع منكم الإفساد في الأرض وقطع الأرحام إن توليتم ، ومعنى توليتم صرتم ولاة على الناس وصار الأمر لكم وعلى هذا قيل : إنها نزلت في بني أمية وقيل : معناه أعرضتم عن الإسلام .