ولما كان هذا تبكيتاً لهم{[59718]} من أجل فتورهم عن-{[59719]} أمر الله ، سبب عن ذلك الفتور بيان ما يحصل منه من عظيم الفساد ويتأثر به من-{[59720]} خراب البلاد وشتات العباد في معرض سؤال في أسلوب الخطاب بعد التبكيت والتهديد في أسلوب الغيبة تنبيهاً على تناهي الغضب وبلوغه الغاية فقال تعالى : { فهل عسيتم } أي فتسبب عن تسرعكم إلى السؤال في أن يأمركم الملك بما يرضيه ، فإذا أجابكم فرحمكم{[59721]} بما يعلم أنه أصلح الأشياء لكم وهو الجهاد كرهتموه ووجهتم منه وقعدتم{[59722]} عنه أن يقال لكم لما يرى منكم من المخايل الدالة على ضعف الإيمان : هل يمكن عندكم نوع إمكان وتتوقعون{[59723]} شيئاً من توقع أن يكون حالكم جديراً وخليقاً لتغطية{[59724]} علم العواقب عنكم فتخافون من أنفسكم .
ولما كان المقام لذم الإعراض عن الأمر ، فصل بين " عسى " وخبرها بشرطية معبر{[59725]} فيها بالتولي بصيغة التفعل إشارة مع نهاية الذم إلى أن المعرض عن أمر الله معرض عما تدعوه الفطرة الأولى القويمة والعقل السديد إلى حسنه ، فهو لا يعرض عنه إلا بمجاهدة منه لنفسه فقال تعالى : { إن توليتم } أي بأنفسكم عن الجهاد الذي أمركم به ربكم{[59726]} الذي عرفكم من فوائده ما لا مزيد عليه{[59727]} مما لا يتركه معه عاقل ولا يتخيل تركه إلا على سبيل الفرض - بما أشارت إليه أداة الشرط - أو حصلت توليتكم بتحصيل محصل أوجبها لكم وزينها في أعينكم حتى فعلتموها ، وهذا المعنى الثاني هو المراد ببنائه للمجهول{[59728]} في رواية رويس عن يعقوب{[59729]} { أن تفسدوا } أي توقعوا الإفساد العظيم الذي يستمر تجديده{[59730]} منكم{[59731]} { في الأرض } بقتال يكرهه الله ويسخطه{[59732]} ويغضب أشد غضب على فاعله وتكونوا في غاية الجرأة عليه ، فإن الذي رحمكم بإنزال ما أنزل حكم بأن{[59733]} من جبن عما يرضيه رغبة في الآخرة اجترأ على ما-{[59734]} يسخطه حباً في الدنيا ، وقد كنتم في الجاهلية على ذلك في الغارة من بعضكم على بعض ونحو ذلك { وتقطعوا } تقطعياً {[59735]}عظيماً شديداً{[59736]} كثيراً منتشراً كبيراً { أرحامكم * } فتكونوا بذلك أعزة على المؤمنين كما كنتم أذلة على الكافرين ، وأقل ما في إعراضكم خذلانكم للمؤمنين المجاهدين بما قد يكون سبباً لظهور الكافرين عليهم فتكونوا بذلك قد جمعتم بين قطيعة-{[59737]} أرحامهم{[59738]} وفقدكم لما كان يصل إليكم من منافعهم ، فإن كففتم{[59739]} بعدهم عن قتلهم كنتم مع ما فاتكم من خيرهم أجبن-{[59740]} الناس وأرضاهم بالعار ، وإن تعاطيتم الأخذ بثأرهم كنتم{[59741]} كمن أخذ في فعل ما أمر به بعد فواته وأن له ذلك ، وقد علم من هذا أن من أمر بالمعروف وجاهد أهل المنكر أمن{[59742]} الإفساد في الأرض وقطيعة الرحم ، ومن تركه وقع فيهما ، ويمكن أن يكون " توليتم " من ولاية الأمر ، فتكون الآية مشيرة إلى ولاية الفجرة ومنذرة بذلك أن اصنع الأمر بالمعروف ، وقد وقع ذلك وشوهد ما ابتنى عليه من الفساد والقطيعة ، وعزائم الأنكاد{[59743]} وسوء الصنيعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.