الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

ثم قال : { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض } [ 23 ] .

هذه{[63582]} مخاطبة للمنافقين الكارهين للجهاد . أي : فهل عسيتم أيها القوم لعلكم أن توليتم عن{[63583]} ما فرض الله عليكم من الجهاد أن تفسدوا في الأرض ؛ أي : أن تعصوا الله ورسوله ، وتعودوا لما كنتم عليه من سفك الدم وقطع الرحم ، والتفرق بعد ما جمعكم الإسلام وألف بين قلوبكم{[63584]} ، هذا معنى قول قتادة{[63585]} وغيره .

وقال محمد بن{[63586]} كعب معناه : فهل عسيتم أن توليتم من أمور الناس شيئا أن يقتل بعضكم بعضا{[63587]} .

وقيل المعنى : فهل عسيتم أن توليتم عن النبي صلى الله عليه وسلم{[63588]} . فكفرتم{[63589]} بما جاءكم به أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه من الكفر فتفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ، وترجعوا إلى العداوات والحروب التي كانت بين الأوس{[63590]} والخزرج{[63591]} .

وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " أن توليتم " على ما لم يسم فاعله أي : إن ولي{[63592]} عليكم غيركم{[63593]} .


[63582]:ح: "هذا".
[63583]:ع : "عما".
[63584]:ح : "قلوبهم".
[63585]:انظر : جامع البيان 26/36، وتفسير القرطبي 245.
[63586]:هو محمد بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي بالفتح المدني، ثقة من الثالثة، صحابي، مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال. انظر: الجرح والتعديل 8/67، وحلية الأولياء 3/212، وسير أعلام النبلاء 5/65، وتقريب التهذيب 2/203، والبداية والنهاية 9/257، وشذرات الذهب 1/136.
[63587]:انظر: تفسير القرطبي 16/245، والبحر المحيط 8/82.
[63588]:ساقط من ع.
[63589]:ع: "وكفرتم".
[63590]:بنو أوس : بطن من طيء، من القحطانية. انظر: نهاية الأرب 87.
[63591]:بنو الخزرج من بني النبيت، من الأوس، من الأزد، من القحطانية وهم بنو الخزرج بن عمرو، ونسبهم مندرج في الأوس. انظر: نهاية الأدب 53.
[63592]:ح: "أولي".
[63593]:انظر: تفسير القرطبي 16/245، والبحر المحيط 8/82، والمحتسب 2/272.