غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

19

ثم التفت وخاطب كفار قريش بقوله { فهل عسيتم } هو من أفعال المقاربة وقد مر وجوه استعمالاته في " البقرة " في قوله { عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم } [ الآية : 216 ] فنقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب ليكون أبلغ في التوبيخ ومعناه هل يتوقع منكم { إن توليتم } وأعرضتم عن الدين أو توليتم أمور الناس { أن تفسدوا في الأرض } بالمعاصي والافتراق بعد الاجتماع على الإسلام { وتقطعوا أرحامكم } بالقتل والعقوق ووأد البنات وسائر ما كنتم عليه في الجاهلية من أنواع الإفساد ، وفي سلوك طريقة الاستخبار المسمى في غير القرآن بتجاهل العارف ، إمالة لهم إلى طريق الإنصاف وحث لهم على التدبر وترك العصبية والجدال ، فقد كانوا يقولون كيف يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالقتال والقتال إفناء لذوي أرحامنا وأقاربنا ، فعرض الله سبحانه بأنهم إن ولوا أمور الناس أو أعرضوا عن هذا الدين لم يصدر عنهم إلا القتل والنهب وسائر أبواب المفاسد كعادة أهل الجاهلية .

/خ38