فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

{ فهل عسيتم } يقال عسيت أن أفعل كذا ، وعسيت بالفتح والكسر لغتان ، ذكره الجوهري وهما سبعيتان ، وفيه التفات عن الغيبة إلى الخطاب لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع أي فهل يتوقع منكم { إن توليتم } أي أعرضتم عن الإيمان الذي تلبستم به ظاهرا .

{ أن تفسدوا في الأرض } بأنواع الفساد ، قال الكلبي : فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا فيها بالظلم ، وقال كعب : أن يقتل بعضكم بعضا وقال قتادة : إن توليتم عن طاعة كتاب الله عز وجل أن تفسدوا فيها بسفك الدماء وال ابن جريج : إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي ، وقبل أعرضتم عن القتال وفارقتم أحكامه ، فتعودوا إلى جاهليتكم ، أو توليتم الحكم فجعلتم حكاما أن تفسدوا في الأرض ، بأخذ الرشا ، قرأ الجمهور : توليتم مبنيا للفاعل ، وقرئ مبنيا للمفعول فهل عسيتم إن ولي عليكم ولاة جائرون أن يخرجوا عليكم في الفتنة وتحاربوهم .

{ وتقطعوا أرحامكم } بالبغي والظلم والقتل ، قرأ الجمهور تقطعوا بالتشديد على التكثير ، وقرئ بالتخفيف من القطع .

" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال : مه ؟ قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال : نعم أما ترضين أن أصل من وصلك ؟ وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى قال : فذلك لك ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إقرأوا إن شئتم فهل عسيتم الآية " {[1498]} أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ، والأحاديث في صلة الرحم كثيرة .


[1498]:البخاري ومسلم.