فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ } هذا خطاب للذين في قلوبهم مرض بطريق الالتفات لمزيد التوبيخ والتقريع . قال الكلبي : أي فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم . وقال كعب : { أَن تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ } أي بقتل بعضكم بعضاً ، وقال قتادة : إن توليتم عن طاعة كتاب الله عزّ وجلّ أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء ، وتقطعوا أرحامكم . وقال ابن جريج : إن توليتم عن الطاعة ، وقيل : أعرضتم عن القتال ، وفارقتم أحكامه . قرأ الجمهور { توليتم } مبنياً للفاعل ، وقرأ عليّ بن أبي طالب بضم التاء والواو وكسر اللام مبنياً للمفعول ، وبها قرأ ابن أبي إسحاق ، وورش عن يعقوب ، ومعناها : فهل عسيتم إن وُلِّيَ عليكم ولاة جائرين أن تخرجوا عليهم في الفتنة ، وتحاربوهم وتقطعوا أرحامكم بالبغي والظلم والقتل . وقرأ الجمهور { وتُقَطِّعُوا } بالتشديد على التكثير ، وقرأ أبو عمرو في رواية عنه ، وسلام وعيسى ويعقوب بالتخفيف من القطع ، يقال : عسيت أن أفعل كذا ، وعسيت بالفتح والكسر لغتان ، ذكره الجوهري وغيره ، وخبر { عسيتم } هو { أَن تُفْسِدُواْ } ، والجملة الشرطية بينهما اعتراض .

/خ31