تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

الآية 22 وقوله تعالى : { فهل عسيتم إن تولّيتم أن تُفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامكم } اختُلف في تأويل هذه الآية :

قال بعضهم : { فهل عسيتم } أي فلعلّكم{[19455]} { إن تولّيتم } أي وُلّيتم أمر هذه الآية { أن تُفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم } .

قال ابن عباس رضي الله عنه قد كان هذا ، وهم بنوا أمية ، ولوا أمر هذه الأمة ، ففعلوا ما ذكر من الفساد في الأرض وقطع الأرحام ، وكان لهم اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان منهم ما ذكر ، والله أعلم .

وقال بعضهم : إن الآية في المنافقين ؛ كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمعون منه ما قال ، ثم إذا تولّوا عنه كانوا يسعون في الأرض بالفساد وما ذكر كقوله تعالى : { ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا [ ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام } ]{[19456]} { وإذا تولّى سعى في الأرض } إلى قوله : { والله لا يحب الفساد } [ البقرة : 204 و205 ] .

وقال بعضهم : ما نرى{[19457]} إلا نزلت الآية في الحروريّة ، وهم{[19458]} الخوارج .

وجائز أن يكون هذا ما ذكر في آية أخرى حين{[19459]} قال : { أفإين مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم } [ آل عمران : ‍144 ] وقد انقلبوا على ما أخبره{[19460]} ، وهو في أهل الردّة ، والله أعلم .

وقال قتادة : { فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خير لهم } أي طواعية الله ورسوله وقول المعروف{[19461]} عند حقائق الأمور خير لهم { فهل عسيتم إن تولّيتم } يقول : إن تولّيتم عن كتابي وطاعتي { أن تُفسدوا في الأرض } يقول : كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن كتاب الله ؟ ألم يسفكوا الدماء الحرام ، وقطّعوا الأرحام ، وعصوا الرحمن ، وأكلوا المال الحرام ؟

ويحتمل أن تكون الآية في الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث فلما بُعث كفروا به والله أعلم .


[19455]:من م، في الأصل: فعليكم.
[19456]:في الأصل وم: إلى قوله.
[19457]:في الأصل وم: أراه.
[19458]:في الأصل وم: وهو.
[19459]:في الأصل وم: حيث.
[19460]:في م: أخبر.
[19461]:من م، في الأصل: المعتزلة.