تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

وهذه بشرى أخرى بأن الله تعالى سيُعطيه من خَيْرَيِ الدنيا والآخرة . وقد أعطاه حتى رَضِيَ ، إن وعدَه الحق .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

روى سلمة عن ابن إسحاق قال : " وللآخرة خير لك من الأولى " أي ما عندي في مرجعك إلي يا محمد ، خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا . وقال ابن عباس : أري النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يفتح اللّه على أمته بعده ؛ فسر بذلك ؛ فنزل جبريل بقوله : " وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى " . قال ابن إسحاق : الفلج في الدنيا ، والثواب في الآخرة . وقيل : الحوض والشفاعة . وعن ابن عباس : ألف قصر من لؤلؤ أبيض ترابه المسك . رفعه الأوزاعي ، قال : حدثني إسماعيل بن عبيدالله ، عن علي بن عبدالله بن عباس ، عن أبيه قال : أري النبي صلى اللّه عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته ، فسر بذلك ؛ فأنزل اللّه عز وجل " والضحى - إلى قوله تعالى - ولسوف يعطيك ربك فترضى " ، فأعطاه اللّه جل ثناؤه ألف قصر في الجنة ، ترابها المسك ؛ في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم . وعنه قال : رضي محمد ألا يدخل أحد من أهل بيته النار . وقال السدي . وقيل : هي الشفاعة في جميع المؤمنين . وعن علي رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( يشفعني اللّه في أمتي حتى يقول اللّه سبحانه لي : رضيت يا محمد ؟ فأقول يا رب رضيت ) . وفي صحيح مسلم عن ، عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى اللّه عليه وسلم تلا قول اللّه تعالى في إبراهيم : " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم{[16143]} " [ إبراهيم : 36 ] وقول عيسى : " إن تعذبهم فإنهم عبادك{[16144]} " [ المائدة : 118 ] ، فرفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى . فقال اللّه تعالى لجبريل : ( اذهب إلى محمد ، وربك أعلم ، فسله ما يبكيك ) فأتى جبريل النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فسأل فأخبره . فقال اللّه تعالى لجبريل : [ اذهب إلى محمد ، فقل له : إن اللّه يقول لك : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك{[16145]} ] . وقال علي رضي اللّه عنه لأهل العراق : إنكم تقولون إن أرجى آية في كتاب اللّه تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله{[16146]} " [ الزمر : 53 ] قالوا : إنا نقول ذلك . قال : ولكنا أهل البيت نقول : إن أرجى آية في كتاب اللّه قوله تعالى : " ولسوف يعطيك ربك فترضى " . وفي الحديث : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : [ إذاً واللّه لا أرضى وواحد من أمتي في النار ] .


[16143]:آية 36 سورة إبراهيم.
[16144]:آية 118 سورة المائدة.
[16145]:رواية الحديث كما ورد في صحيح مسلم: كتاب الإيمان: "أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم "رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني" الآية، وقول عيسى عليه السلام "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" فرفع يديه وقال: "اللهم أمتي أمتي"، وبكى، فقال الله عز وجل: "يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك" فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله: "يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك و لا نسوءك".
[16146]:آية 53 صورة الزمر.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

ولما ذكر سبحانه الدنيا والآخرة ، ذكر ما يشملهما مما زاده من فضله ، فقال مصدراً بحرف الابتداء تأكيداً للكلام لأنهم ينكرونه وليست للقسم لأنها إذا دخلت على المضارع لزمته النون المؤكدة ، وضم هذه اللام إلى كلمة التنفيس للدلالة على أن العطاء وإن تأخر وقته لحكمة كائن لا محالة : { ولسوف يعطيك } أي بوعد لا خلف فيه وإن تأخر وقته بما أفهمته الأداة { ربك } أي الذي لم يزل يحسن إليك بوعد الدنيا ووعد الآخرة { فترضى * } أي فيتعقب على ذلك ويتسبب عنه رضاك . وهذا شامل لما منحه بعد كمال النفس من كمال العلم وظهور الأمر وإعلاء الدين وفتح البلاد ودينونة العباد ونقص ممالك الجبابرة ، وإنهاب كنوز الأكاسرة والقياصرة ، وإحلال الغنائم حتى كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر ، وشامل لما ادخره له سبحانه وتعالى في الآخرة من المقام المحمود والحوض المورود ، والشفاعة العظمى إلى غير ذلك مما لا يدخل تحت الحدود ، وقد أفهمت العبارة أن الناس أربعة أقسام : معطى راض ، وممنوع غير راض ، ومعطى غير راض ، وممنوع راض ، وعن علي رضي الله عنه أنها أرجى آية في القرآن لأنه صلى الله عليه وسلم لا يرضى واحداً من أمته في النار .