من أهل الكتاب : اليهود من بني قريظة .
من صياصيهم : من حصونهم ، واحدها صِيصِية وهي كل ما يُمتنع به .
قذف في قلوبهم الرعب : ألقى في قلوبهم الخوف الشديد .
انتهت المعركة مع الأحزاب من قريش وحلفائها وردّهم الله خائبين ، لكنّها لم تنتهِ مع اليهود من بني قريظة ، الذين نقضوا العهد مع رسول الله والمؤمنين . وكان الرسول لما قَدِم المدينة ، كتبَ كتاباً بين المهاجرين والأنصار وادَعَ فيه اليهودَ وعاهدَهم ، وأقرّهم على دينهم وأموالهم ، وشَرَطَ لهم واشترط عليهم ، وجاء فيه : « إنه من تَبِعنا من يهودَ فإن له النصرة والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم ، إن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين ، وإن قبائلَ يهودَ أئمة مع المؤمنين . لليهود دينُهم ، وللمسلمين دينهم ومواليهم وأنفسهم . . . . وإن بينهم النصرَ على ما حارب أهل هذه الصحيفة وإن بينهم النُّصحَ والنصيحة ، والبِرّ دون الإثم ، وإن بينهم النصرَ على من دهم يثرب » .
والعهدُ طويلٌ موجود في سيرة ابن هشام وعدد من المراجع .
ولكن اليهودَ ، هم اليهود في كل زمان ومكان ، فقد نقضوا العهد واتفقوا مع قريش والأحزابِ على أن يهجُموا على المدينة من خلْفِ المسلمين . ولما علم رسول الله بذلك بعث سعدَ بن مُعاذ وسعدَ بن عبادة ، في رجالٍ من الأنصار ليتحققوا الخبر ، فوجدوهم على شرّ ما بلَغَهم عنهم ، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : من رسولُ الله ؟ لا عهدَ بيننا وبين محمد ولا عقد .
وهكذا حاولوا طعنَ المسلمين من الخلف ، ولكنّ الله خيبّهم ، إذ أنهم اختلفوا مع قريش وتحصنوا في حصونهم ولم يحاربوا .
فلما انصرف الرسولُ الكريم والمسلمون من الخندق راجعين إلى المدينة ، أمَرَ الرسول مؤذنا فأذن في الناس : إن من كان سميعاً مطيعاً فلا يصلِّيَنَّ العصرَ الا في بني قريظة .
ونزل رسول الله ببني قريظة فحاصرَهَم خمساً وعشرين ليلة حتى تعبوا وجَهَدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعبَ ، ونزلوا على حُكم سعد بن معاذ حَليفِهم . فحكم فيهم أن يُقتل الرجال ، وتقسَم الأموال ، وتسبى الدراري والنساء ، لأنهم لو نَفَّذوا عهدهم مع قريشٍ لقضَوا على المسلمين واستأصلوهم ، ولكن الله سلّم ونَصَرَ المسلمين { وَكَانَ الله قَوِيّاً عَزِيزاً } . وقد توفي سعدُ بن معاذ شهيدا من سهم أصابه في ذراعه رضي الله عنه .
قوله تعالى : " وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم " يعني الذين عاونوا الأحزاب : قريشا وغطفان وهم بنو قريظة وقد مضى خبرهم " من صياصيهم " أي حصونهم واحدها صيصة . قال الشاعر :
فأصبحتِ الثيرانُ صرعى وأصبحت*** نساءُ تميمٍ يَبْتَدِرْنَ الصَّيَاصِيَا{[12786]}
ومنه قيل لشوكة الحائك التي بها يسوَّى السداة واللحمة : صيصة . قال ، دريد بن الصمة :
فجئتُ إليه والرِّمَاحُ تَنُوشُهُ *** كوقْعِ الصَّياصِي في النسيج المُمَدَّدِ
ومنه : صيصة الديك التي في رجله . وصياصي البقر قرونها ؛ لأنها تمتنع بها . وربما كانت ، تركب في ، الرماح مكان الأسنة ، ويقال : جذ الله صئصئه ، أي أصله " وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون " وهم الرجال . " وتأسرون فريقا " وهم النساء والذرية ، على ما تقدم .
{ وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم } الصياصي هي الحصون ، ونزلت الآية في يهود بني قريظة ، وذلك أنهم كانوا معاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنقضوا عهده وصاروا مع قريش فلما انصرفت قريش عن المدينة حصر رسول الله بني قريظة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بأن يقتل رجالهم ويسبى نساؤهم وذريتهم .
{ فريقا تقتلون } : يعني الرجال وقتل منهم يومئذ كل من أنبت وكانوا بين ثمانمائة أو تسعمائة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.