على شريعة من الأمر : على طريقة ومنهاج في أمر الدين ، وأصل الشريعة : الماء في الأنهار ونحوها مما يَرِدُ الناس عليها ، وشريعة الدين يتبصر فيها الناس في أمور دينهم .
ولما بيّن ما آل إليه بنو إسرائيل بإعراضهم عن الحق بغياً وحسَدا ، أمر رسولَه الكريم أن يبعد عن هذه الطريقة ، وأن يستمسك بالحقّ الذي أرسله به .
ثم جعلْناك يا محمدُ ( بعد بني إسرائيل الذين تقدمتْ صفاتُهم ) على نهج خاصٍّ من أمرِ الدين الذي شرعناه لك ، فاتبعْ ما أُوحيَ إليك .
{ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ } من المشرِكين الجاهلين .
{ 18-19 } { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }
أي : ثم شرعنا لك شريعة كاملة تدعو إلى كل خير وتنهى عن كل شر من أمرنا الشرعي { فَاتَّبِعْهَا } فإن في اتباعها السعادة الأبدية والصلاح والفلاح ، { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } أي : الذين تكون أهويتهم غير تابعة للعلم ولا ماشية خلفه ، وهم كل من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم هواه وإرادته فإنه من أهواء الذين لا يعلمون .
ولما كان معنى هذا أنه سبحانه وتعالى جعل بني إسرائيل على شريعة وهددهم على الخلاف فيها ، فكان تهديدهم تهديداً لنا ، قال مصرحاً بما اقتضاه سوق الكلام وغيره من تهديدنا منبهاً على علو شريعتنا : { ثم } أي بعد فترة من رسلهم ومجاوزة رتب{[58089]} كثيرة عالية على رتبة-{[58090]} شريعتهم { جعلناك } أي{[58091]} بعظمتنا { على شريعة } أي طريقة واسعة عظيمة ظاهرة مستقيمة سهلة موصلة إلى المقصود هي جديرة بأن يشرع الناس فيها ويخالطوها مبتدئة{[58092]} { من الأمر } الذي هو وحينا وهو حياة الأرواح كما أن الأرواح حياة الأشباح .
ولما بين بهذه العبارة بعض فضلها على ما كان قبلها ، سبب عنه قوله موجهاً الخطاب إلى الإمام بما أراد به المأمومين{[58093]} ليكون أدعى إلى اجتهادهم ، فإن أمرهم تكليف وأمر إمامهم تكوين : { فاتبعها } أي بغاية جهدك . ولما كانت الشريعة العقل المحفوظ الذي أخبر الله أنه به يأخذ وبه يعطي ، كان الإعراض عنها إلى غيرها إنما هو هوى ، ولما كان آحاد الأمة غير معصومين أشار إلى العفو{[58094]} عن هفواتهم بقوله تعالى : { ولا تتبع } أي تتعمدوا أن تتبعوا { أهواء الذين لا يعلمون * } أي لا علم لهم أو لهم علم ولكنهم يعملون عمل من ليس لهم علم أصلاً من كفار العرب وغيرهم ، فإن من تعمد اتباعهم {[58095]}فعلت بهم{[58096]} ما فعلت ببني{[58097]} إسرائيل حيث لعنتهم على لسان داود وعيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام{[58098]} بعد ما لعنتهم على لسان موسى عليه الصلاة والسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.