بعد أن بين الله تعالى حال المؤمنين في الجنة ، حيث يتمتعون بنعيمها ويؤتيهم الله ما يشاؤون ، يؤكد هنا أنه يكفيهم في الدنيا ما أهمَّهم ، ولا يضيرهم ما يخوّفهم به المشركون من غضب الأوثان وما يعبدون من آلهة مزيفة . فالأمور كلها بيد الله . كذلك بيّن أن قول المشركين يخالف فعلهم ، فحين تسألهم : من خلق السموات والأرض ؟ يقولون : الله ، وهم مع ذلك يعبدون غيره .
ثم يسألهم سؤال تعجيز : { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِيَ الله بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ؟ } كلا ، طبعا . وما دامت هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر ، فقل يا محمد : { قُلْ حَسْبِيَ الله عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون } .
قرأ أبو عمرو والكسائي عن أبي بكر : { كاشفاتٍ ضره . . . . ممسكاتٍ رحمته } بتنوين كاشفات وممسكات ونصب ضره ورحمته ، والباقون بالإضافة كشافات ضره . . .
{ 38 } { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }
أي : ولئن سألت هؤلاء الضلال الذين يخوفونك بالذين من دونه ، وأقمت عليهم دليلا من أنفسهم ، فقلت : { مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } لم يثبتوا لآلهتهم من خلقها شيئا . { لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } الذي خلقها . وحده . { قُلْ } لهم مقررا عجز آلهتهم ، بعد ما تبينت قدرة اللّه : { أَفَرَأَيْتُمْ } أي : أخبروني { مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ } أيَّ ضر كان .
{ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ } بإزالته بالكلية ، أو بتخفيفه من حال إلى حال ؟ . { أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ } يوصل إليَّ بها منفعة في ديني أو دنياي . { هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ } ومانعاتها عني ؟ . سيقولون : لا يكشفون الضر ولا يمسكون الرحمة .
قل لهم بعد ما تبين الدليل القاطع على أنه وحده المعبود ، وأنه الخالق للمخلوقات ، النافع الضار وحده ، وأن غيره عاجز من كل وجه . عن الخلق والنفع والضر ، مستجلبا كفايته ، مستدفعا مكرهم وكيدهم : { قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } أي : عليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ودفع مضارهم ، . فالذي بيده - وحده - الكفاية هو حسبي ، سيكفيني كل ما أهمني وما لا أهتم به .
{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون }
{ ولئن } لام قسم { سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنَّ الله قل أفرأيتم ما تدعون } تعبدون { من دون الله } أي الأصنام { إن أرادني الله بضرِّ هل هن كاشفاتٌ ضرَّه } لا { أو أرادني برحمة هل هن ممسكاتٌ رحمتَه } لا ، وفي قراءة بالإضافة فيهما { قل حسبيَ الله عليه يتوكل المتوكلون } يثق الواثقون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.