مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ} (38)

ثم أعلم بأنهم مع عبادتهم الأوثان مقرون بأن الله تعالى خلق السماوات والأرض بقوله { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله قُلْ أَفَرَايْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِىَ الله } بفتح الياء سوى حمزة { بِضُرٍّ } مرض أو فقر أو غير ذلك { هَلْ هُنَّ كاشفات ضُرِّهِ } دافعات شدته عني { أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ } صحة أو غنى أو نحوهما { هَلْ هُنَّ ممسكات رَحْمَتِهِ } { كاشفات ضُرّهِ } ، و { ممسكات رَحْمَتِهِ } بالتنوين على الأصل : بصري ، وفرض المسئلة في نفسه دونهم لأنهم خوفوه معرة الأوثان وتخبيلها ، فأمر بأن يقررهم أولاً بأن خالق العالم هو الله وحده ثم يقول لهم بعد التقرير : فإن أرادني خالق العالم الذي أقررتم به بضر أو برحمة هل يقدرون على خلاف ذلك ؟ فلما أفحمهم قال الله تعالى : { قُلْ حَسْبِىَ الله } كافياً لمعرة أوثانكم { عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون } يُروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم فسكتوا فنزل { قُلْ حَسْبِىَ الله } ، وإنما قال { كاشفات } و { ممسكات } على التأنيث بعد قوله { وَيُخَوّفُونَكَ بالذين مِن دُونِهِ } لأنهن إناث وهن اللات والعزى ومناة ، وفيه تهكم بهم وبمعبوديهم .