تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّينَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيُخۡزِيَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

اللينة : النخلة .

عندما حاصر الرسول الكريم وأصحابه يهودَ بني النضير قطعوا بعض نخيلهم حتى يذلّوهم ويجبروهم على الاستسلام ، فقال الله تعالى : أي شيء قطعتموه من النخل أو أبقيتموه كما كان ، فهو بأمر الله ، فلا حرجَ عليكم فيه ، ليعزّ المؤمنين ، وليخزيَ الفاسقين المنحرفين .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّينَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيُخۡزِيَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

{ ما قطعتم من لينة } من نخلة من نخيلهم ، { أو تركتموها قائمة } فلم تقطعوها { فبإذن الله } أي أنه أذن في ذلك إن شئتم قطعتم وإن شئتم تركتم ، وذلك أنهم لما تحصنوا بحصونهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم وإحراقها فجزعوا من ذلك ، وقالوا من أين لك يا محمد عقر الشجر المثمر ، واختلف المسلمون في ذلك فمنهم من قطع غيظا لهم ومنهم من ترك القطع وقالوا هو مالنا أفاء الله علينا به ، فأخبر الله أن كل ذلك من القطع والترك بإذنه ، { وليخزي الفاسقين } وليذل اليهود وليغيظهم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّينَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيُخۡزِيَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

{ ما قطعتم من لينة } اللينة هي النخلة وقيل : هي الكريمة من النخل ، وقيل : النخلة التي ليست بعجوة ، وقيل : ألوان النخل المختلط ، وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل على حصون بني النضير قطع المسلمون بعض نخلهم وأحرقوه ، فقال بنو النضير : ما هذا إلا فساد يا محمد وأنت تنهى عن الفساد ، فنزلت الآية معلمة أن كل ما جرى من قطع أو إمساك فإن الله أذن للمسلمين في ذلك .

{ ليخزي الفاسقين } يعني : بني النضير ، واستدل بعض الفقهاء بهذه الآية على أن كل مجتهد مصيب ، فإن الله قد صوب فعل من قطع النخل ومن تركها ، واختلف العلماء في قطع شجر المشركين وتخريب بلادهم فأجازه الجمهور لهذه الآية ، ولإقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريق نخل بني النضير ، وكرهه قوم لوصية أبى بكر الصديق رضي الله عنه الجيش الذي وجهه إلى الشام أن لا يقطعوا شجرا مثمرا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّينَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيُخۡزِيَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

ولما دل سبحانه على عزته وحكمته بما فعل ببني النضير الذين يقولون إنهم أشجع الناس وأشدهم شكيمة بما لهم من الأصالة والاصطفاء على العالمين ، مع التأييد بالكتاب والحكمة ، وختم بأن من شاق رسوله فقد شاقه ، ومن شاقه فقد شدد عقابه ، أتبعه بيان ما عاقبهم به من قطع الصحابة رضي الله عنهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لنخلهم الذي هو أعز عليهم من أبكارهم وهم ينظرون إليه لا يغنون شيئاً ولا منعة{[63708]} لديهم فقال : { ما } وهي شرطية وأتبعها بشرطها الناصب لها فقال : { قطعتم } أي كل ما قطعتموه ، وبين ما في " ما{[63709]} " من الإبهام بقوله معبراً عن النخل ، بما يفيد نوعه وأنه{[63710]} هان عليهم القطع ولان : { من لينة } وهي ضرب من النخل ، قال ابن إسحاق : هو ما خالف العجوة من النخل ، و{[63711]}قال ابن هشام : اللينة من الألوان ، وهي ما لم يكن برنية ولا عجوة من النخل فيما حدثني أبو عبيدة - انتهى . وقال صاحب القاموس اللون : الدقل من النخل ، وهي جماعة واحدتها{[63712]} لونة ولينة ، قال المهدوي : {[63713]}وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد [ وغيرهما-{[63714]} ] أنها النخل كله ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أنها{[63715]} لون من النخل ، وقال البغوي{[63716]} : ورواية زاذان{[63717]} عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع{[63718]} نخلهم إلا العجوة . وأهل المدينة يسمون ما خلا{[63719]} العجوة من التمر الألوان واحدها لون ولينة ، وقال عطية و{[63720]}الحسن ومجاهد وابن زيد وعمرو بن ميمون : اللينة : النخلة ، اسمان بمعنى واحد ، وجمعها لين وليان ، وقال سفيان الثوري : اللينة ما تمرها لون وهو نوع من التمر شديد الصفرة يشف عن{[63721]} نواة فيرى من خارج ، قال البغوي{[63722]} : يغيب فيها الضرس{[63723]} ، وكان من أجود تمرهم وأعجبها إليهم ، وكانت النخلة{[63724]} الواحدة ثمنها ثمن وصيف أحب إليهم من وصيف ، فلما رأوهم يقطعونها شق عليهم وقالوا للمؤمنين : إنكم تكرهون الفساد وأنتم تفسدون ، دعوا هذه النخلة ، فإنما هي لمن غلب عليها ، وقال الرازي في اللوامع واختلاف الألوان فيها ظاهر{[63725]} لأنها أول حالها بيضاء{[63726]} كصدف مليء درّاً منضداً ، ثم غبراء ثم خضراء كأنها قطع زبرجد خلق فيها النماء ثم{[63727]} حمراء كأنها ياقوت رص بعضه ببعض ثم صفراء{[63728]} كأنها شذو عقيان ، ولذلك إذا بلغ الإرطاب نصفها سميت{[63729]} مجزعة لاختلاف ألوانها الجزع الظفاري .

ولما كان ما فسر بمؤنث هو اللينة ، أعاد الضمير مؤنثاً فقال : { أو تركتموها } ولما كان الترك يصدق ببقائها مغروسة أو مقطوعة قال : { قائمة } ولما كان المراد نخيلاً كثيرة لإرادة الجنس قال : { على أصولها } بجمع الكثرة { فبإذن الله } أي فقطعها بتمكين الملك الأعظم ورضاه ، قال القشيري : وفي هذا دليل على أن{[63730]} الشريعة غير معللة وإذا{[63731]} جاء الأمر الشرعي بطل طلب{[63732]} التعليل وسكتت الألسنة عن التقاضي ب " لِمَ " وحضور الاعتراض والاستقباح بالبال خروج عن حد العرفان .

ولما فطم عن طلب العلل خطاباً للكمل ، طيب قلوب من دونهم بعلة معطوفة على ما تقديره : فليس ذلك بفساد ولكنه صلاح أذن لكم فيه ليشفي به صدور المؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ، فقال واضعاً موضع ضميرهم ظاهراً يدل على ما أوجب خزيهم : { وليخزي الفاسقين * } الذين هم أصلاء في المروق{[63733]} من دائرة الحق بأن يذلهم ويفضحهم ببيان كذبهم في دعواهم العز والشجاعة والتأييد من الله لأنهم على الدين الحق وأنه لا يتطرق إليه نسخ{[63734]} ، وروى أبو يعلى{[63735]} عن جابر رضي الله عنه أنه قال : رخص لهم في قطع النخل ثم شدد عليهم{[63736]} فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ! علينا إثم فيما قطعنا أو علينا فيما تركنا ، فأنزل الله الآية - انتهى وكان ناس من المؤمنين مالوا إلى الكف عن القطع لما سموه اليهود فساداً وطائفة أشاروا بالاستمرار على القطع لأنه يغيظهم ، فصوب سبحانه في الآية من أمر بالكف وحلل من أشاروا بالاستمرار بالقطع{[63737]} من الإثم ، فدلت الآية على جواز إفساد{[63738]} أموال{[63739]} أهل الحرب{[63740]} على أي حال كان مثمراً{[63741]} كان أو لا بالتحريق والتغريق والهدم وغيره لإخزائهم بذلك .


[63708]:- من م، وفي الأصل وظ: صفة- كذا.
[63709]:- زيد من م.
[63710]:- من م، وفي الأصل وظ: لأنه.
[63711]:- زيد من ظ وم.
[63712]:- من ظ وم والقاموس، وفي الأصل: واحد منهما.
[63713]:- العبارة من هنا إلى "عنهما أيضا" ساقطة من ظ.
[63714]:- زيد من م.
[63715]:- من م، وفي الأصل وظ: إنه.
[63716]:- راجع المعالم بهامش اللباب 7/ 49.
[63717]:- من المعالم، وفي الأصول: باذان.
[63718]:- زيد من ظ وم المعالم.
[63719]:- من ظ وم والمعالم، وفي الأصل: ماعدا.
[63720]:- سقط من م.
[63721]:- من ظ وم، وفي الأصل: من.
[63722]:- راجع المعالم بهامش اللباب 7/ 49.
[63723]:- من ظ والمعالم، وفي الأصل وم: الفرس.
[63724]:- زيد من ظ وم والمعالم.
[63725]:- من ظ وم، وفي الأصل: ظاهرة.
[63726]:- زيد من م.
[63727]:- زيد من ظ وم.
[63728]:- من ظ وم، وفي الأصل: صفى.
[63729]:- زيد من ظ وم.
[63730]:- زيد من ظ وم.
[63731]:- من م، وفي الأصل: وظ: إنما.
[63732]:- من م، وفي الأصل وظ: بطلب.
[63733]:- من م، وفي الأصل وظ: الرقة.
[63734]:- زيد في الأصل: انتهى، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[63735]:- راجع الدر المنثور 6/ 188.
[63736]:- زيد من ظ وم.
[63737]:- زيد من م.
[63738]:- من ظ وم، وفي الأصل: فساد.
[63739]:- زيد من ظ وم.
[63740]:- من ظ وم، وفي الأصل: العرب.
[63741]:- من ظ وم، وفي الأصل: مستمرا.