فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّينَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيُخۡزِيَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

{ ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ( 5 ) } .

كل شيء قطعتم من النخل ، وكل شيء تركتم دون قطع فإن المولى العليم الحكيم قد أذن به ليذل الخارجين عن طاعة ربنا الكبير المتعال ، وليحل نقمته بالمخالفين أمره ونهيه ، ولم يكن فسادا وإنما نقمة منه عز شأنه .

ثبت في صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق . قال ابن العربي : ليكون ذلك نكاية لهم ووهنا فيهم ، حتى يخرجوا عنها . وإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعا ، مقصودة عقلا . . . وإنما يدل ذلك على اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه ، أخذا بعموم الأذية للكفار ، ودخولا في الإذن للكل بما يقضي عليهم بالاجتياح والبوار .

قال قتادة والضحاك : إنهم قطعوا من نخيلهم وأحرقوا ست نخلات . وقال محمد بن إسحاق : إنهم قطعوا نخلة وأحرقوا نخلة . وكان ذلك عن إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بأمره ؛ إما لإضعافهم بها وإما لسعة المكان بقطعها . . . ووجد المؤمنون في أنفسهم حتى اختلفوا ؛ فقال بعضهم : لا تقطعوا مما أفاء الله علينا . وقال بعضهم : اقطعوا لنغيظهم بذلك . فنزلت الآية بتصديق من نهى عن القطع وتحليل من قطع من الإثم ، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله{[6476]} .


[6476]:- من أول عبارة: [قال قتادة] إلى القول: [بإذن الله] نقله صاحب الجامع لأحكام القرآن جـ 18 ص 6.