{ مّن لّينَةٍ } بيان لما قطعتم ، ومحل ( ما ) نصب بقطعتم ، كأنه قال : أي شيء قطعتم ، وأنث الضمير الراجع إلى ما في قوله : { أَوْ تَرَكْتُمُوهَا } لأنه في معنى اللينة . واللينة : النخلة من الألوان ، وهي ضروب النخل ما خلا العجوة . والبرنية ، وهما أجود النخيل ، وياؤها عن واو ، قلبت لكسرة ما قبلها ، كالديمة . وقيل : «اللينة » النخلة الكريمة ، كأنهم اشتقوها من اللين ، قال ذو الرمّة :
كَأَنَّ قُتُودِي فَوْقَهَا عُشُّ طَائِرٍ *** عَلَى لِينَةٍ سَوْقَاءَ تَهْفُو جُنُوبُهَا
وجمعها لين ، وقرىء : «قوّما » على أصلها ، وفيه وجهان : أنه جمع أصل كرهن ورهن ، أو اكتفى فيه بالضمة عن الواو . وقرىء : «قائماً على أصوله » ذهاباً إلى لفظ ما { فَبِإِذْنِ الله } فقطعها بإذن الله وأمره ، { وَلِيُخْزِىَ الفاسقين } وليذل اليهود ويغيظهم إذن في قطعها ، وذلك : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر أن تقطع نخلهم وتحرق قالوا : يا محمد ، قد كنت تنهى عن الفساد في الأرض ، فما بال قطع النخل وتحريقها ؟ فكان في أنفس المؤمنين من ذلك شيء . فنزلت ، يعني : أنّ الله أذن لهم في قطعها ليزيدكم غيظاً ويضاعف لكم حسرة إذا رأيتموهم يتحكمون في أموالكم كيف أحبوا ويتصرفون فيها ما شاءوا . واتفق العلماء أنّ حصون الكفرة وديارهم لا بأس بأن تهدم وتحرق وتغرق وترمى بالمجانيق . وكذلك أشجارهم لا بأس بقلعها مثمرة كانت أو غير مثمرة ، وعن ابن مسعود : قطعوا منها ما كان موضعا للقتال .
فإن قلت : لم خصت اللينة بالقطع ؟ قلت : إن كانت من الألوان فليستبقوا لأنفسهم العجوة والبرنية ، وإن كانت من كرام النخل فليكون غيظ اليهود أشد وأشق . وروى : أن رجلين كانا يقطعان : أحدهما العجوة ، والآخر اللون ، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا : تركتها لرسول الله ، وقال هذا : قطعتها غيظاً للكفار .
وقد استدل به على جواز الاجتهاد ، وعلى جوازه بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهما بالاجتهاد فعلا ذلك ، واحتج به من يقول : كل مجتهد مصيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.